كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنه عدل في دينه ومعروف بالصدق في حديثه وليس يكفيه في ذلك اجتناب كبائر الذنوب التي يسمى فاعلها فاسقاً حتى يكون مع ذلك متوقياً لما يقول كثير من الناس أنه لا يعلم أنه كبير1.
3- وعرفها الغزالي بقوله: "والعدالة: عبارة عن استقامة السيرة والدين ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعاً حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه فلا ثقة بقول من لا يخاف الله تعالى خوفاً وازعاً عن الكذب، ثم لا خلاف في أنه لا يشترط العصمة من جميع المعاصي ولا يكفي أيضاً: اجتناب الكبائر بل من الصغائر ما يرد به كسرقة بصلة وتطفيف في حبة قصداً، وبالجملة كل ما يدل على ركاكة دينه إلى حد يستجريء على الكذب بالأغراض الدنيوية كيف وقد شرط في العدالة التوقي عن بعض المباحات القادحة في المروءة نحو الأكل في الطريق والبول في الشارع وصحبة الأراذل وإفراط المزح وضابط ذلك فيما جاوز محل الإجماع أن يرد إلى اجتهاد الحاكم فما دل عنده على جرأته على الكذب رد الشهادة به وما لا، فلا"2.
4- وعرفها ابن الحاجب3 بقوله: العدالة: هي محافظة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ليس معها بدعة، وتتحقق باجتناب الكبائر وترك الإصرار على الصغائر وبعض المباح كاللعب بالحمام والاجتماع مع الأراذل والحرف الدنية مما لا يليق به ولا ضرورة"4.
5- وعرفها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بقوله: "المراد بالعدل من له
1ـ الكفاية ص/103.
2ـ المستصفى للغزالي 1/157.
3ـ هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس بن عمرو جمال الدين بن الحاجب فقيه مالكي من كبار العلماء بالعربية ولد في أسنا من صعيد مصر سنة سبعين وخمسمائة، وتوفي سنة ست وأربعين وستمائة هجرية. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء 23/264-266، البداية والنهاية 13/168، الأعلام للزركلي 4/374، معجم المؤلفين 6/265.
4ـ مختصر منتهى الأصولي مع شرح القاضي عضد الملة والدين 2/63.