المبحث الثالث: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه
لقد انعقد إجماع الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة على أن علياً رضي الله عنه كان متعيناً للخلافة بعد عثمان رضي الله عنه لفضله على من بقي من الصحابة، وأنه أقدمهم إسلاماً، وأوفرهم علماً، وأقربهم بالنبي صلى الله عليه وسلم نسباً، وأشجعهم نفساً، وأحبهم إلى الله ورسوله وأكثرهم مناقب، وأفضلهم سوابق وأرفعهم درجة وأشرفهم منزلة، وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم هدياً وسمتاً فكان رضي الله عنه متعيناً للخلافة دون غيره، وقد قام من بقي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعقد البيعة به بالخلافة بالإجماع فكان حينئذ إماماً حقاً وجب على سائر الناس طاعته وحرم الخروج عليه ومخالفته وقد نقل الإجماع على خلافته كثير من أهل العلم: فقد نقل محمد بن سعد إجماع من له قدم صدق وسابقة في الدين ممن بقي من أصحاب النبي بالمدينة على بيعة علي رضي الله عنه حيث قال: "وبويع لعلي بن أبي طالب رحمه الله بالمدينة الغد من يوم قتل عثمان بالخلافة بايعه طلحة والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعمار بن ياسر، وأسامة بن زيد، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب الأنصاري ومحمد بن مسلمة وزيد بن ثابت، وخزيمة بن ثابت وجميع من كان بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم"1.
كما نقل إجماع الصحابة ومن جاء بعدهم من أهل السنة والجماعة على بيعة علي رضي الله عنه الإمام أحمد بن حنبل، وأبو الحسن الأشعري وأبو نعيم
1ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 3/31.