وهو صريح في أنه لم يكن عنده من أهل الأرض أحد أحب إليه من أبي بكر فإن الخلة هي كمال الحب وهذا لا يصلح إلا لله فإذا كانت ممكنة ولم يصلح لها إلا أبو بكر علم أنه أحب الناس إليه وقوله في الحديث الصحيح لما سئل أي الناس أحب إليك قال عائشة قيل: من الرجال قال: أبوها" 1.
وقول الصحابة أنت خيرنا وسيدنا وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله عمر بين المهاجرين والأنصار ولا ينكر ذلك منكر وأيضاً فالنبي صلى الله عليه وسلم محبته تابعة لمحبة الله وأبو بكر أحبهم إلى الله تعالى فهو أحبهم إلى رسوله وإنما كان كذلك لأنه أتقاهم وأكرمهم وأكرم الخلق على الله تعالى أتقاهم بالكتاب والسنة وإنما كان أتقاهم لأن الله تعالى قال: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} 2. وأئمة التفسير يقولون إنه أبو بكر"3.
الوجه السادس: أن حديث الطير موضوع وممن صرح بوضعه ابن طاهر فقد قال: حديث الطائر موضوع إنما يجيء من سقاط أهل الكوفة عن المشاهير والمجاهيل عن أنس وغيره"4.
وقد صرح العلامة ابن الجوزي بعدم صحته فقد أورده في كتابه "العلل المتناهية" عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق واحد وقال: هذا حديث لا يصح، وأورده أيضاً عن أنس من ستة عشر طريقاً وبين علة كل طريق
1ـ تقدم تخريجه.
2ـ سورة الليل آية/17-21.
3ـ منهاج السنة النبوية 4/99-100 وانظر المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي ص/472، وانظر في شأن تفسير قوله تعالى: {وسيجنبها الأتقى} وما بعدها فإن المفسرين أطبقوا على أن المقصود بها هو أبو بكر رضي الله عنه. انظر جامع البيان للطبري 30/228، زاد المسير لابن الجوزي 9/152، تفسير البغوي على حاشية الخازن 7/213، تفسير القرآن العظيم لابن كثير 7/310، الدر المنثور للسيوطي 8/538.
4ـ العلل المتناهية في الأحاديث الواهية 1/233-234.