صحب النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وسبق إلى الإيمان به واستمر معه طول إقامته بمكة ورافقه في الهجرة وفي الغار وفي المشاهد كلها إلى أن مات وكانت الراية معه يوم تبوك وحج بالناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي سنة تسع وكان خليفتة من بعده ولقبه المسملون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم1 وقد دل على أنه أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، أما دلالة الكتاب فمن ذلك ما يلي:
1- قال تعالى: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} 2. أجمع المسلمون على أن المراد بالصاحب المذكور في الآية هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه"3.
أخرج ابن عساكر عن سفيان ابن عيينة قال: عاتب الله المسلمين كلهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا بكر وحده فإنه خرج من المعاتبة ثم قرأ: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} 4.
قال ابن جرير رحمه الله تعالى: "وإنما عنى الله ـ جل ثناؤه ـ بقوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه لأنهما كانا اللذين خرجا هاربين من قريش إذ هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم واختفيا في الغار وقوله: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} يقول: إذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رحمة الله عليه في الغار والغار: النقب العظيم يكون في الجبل {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} يقول: إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبه أبي بكر: {لا تَحْزَنْ} وذلك أنه خاف من الطلب أن
1ـ الإصابة 2/333 وانظر أعلام النبوة للماوردي ص/284-285، تهذيب الأسماء واللغات 2/184.
2ـ سورة التوبة آية / 20.
3ـ الإصابة 2/335، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص/48، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 10/154، شرح كتاب الفقه الأكبر لملا علي القاري ص/101.
4ـ الدر المنثور للسيوطي 4/199، وكتابه تاريخ الخلفاء ص/50.