اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 288
حالهم ليعجبهم منها ويستدعي منهم الإنكار والتقبيح"[1].
وأما في سورة الإسراء فيتخذ الدليل أسلوب التهديد المباشر حتى يوقظ فطرهم وينبه عقولهم، قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً, أَفَأَمِنتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً, أَمْ أَمِنتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} [2].
ومعنى هذا التهديد أن يا أيها المشركون الذين لجأتم إلى الله في البحر، فنجاكم من مخاطره فعدتم للشرك به، هل أنتم آمنون من عذابه وانتقامه؟ إنه قادر على أن يخسف بكم الأرض أو يمطر عليكم حجارة من السماء وعندها لن تجدوا ناصرًا يرد ذلك عنكم، أم أنكم آمنون أن يعيدكم الله في البحر مرة ثانية فيغرق سفنكم بريح شديدة بسبب كفركم وعندها لن تجدوا من يأخذ بثأركم ويتبعنا بشيء من ذلك؟ [3].
فانظر هذا البيان الإلهي لسفه عقول المشركين، حيث إنهم يلتجئون إلى الله الواحد عند كل كرب في البحر والبر لتيقنهم أن أصنامهم لا تملك دفع المكروه عنهم وأن الله وحده هو الكاشف للبلاء، ثم يصرفون على عبادتها وإشراكها مع الله في الألوهية.
والعقل السليم لا يرضى بالتجاء صاحبه إلى إله في الشدة وإله آخر في الرخاء؛ لأن الإله المنجي من الكربات حقيق أن يكون إلهًا معبودًا وحده في الرخاء، كما في [1] تفسير الكشاف 2/231 وانظر شرح هذا الدليل في تفسير الطبري 7/191 وص 218 و11/93 وص100 و14/120 و23/199 وفي تفسير ابن كثير 2/132 وص 139 وص409 وص412 وص 572. [2] سورة الإسراء آية 67-69. [3] انظر تفسير الطبري 15/123 وتفسير ابن كثير 3/51.
اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 288