اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 274
ويقول شارح الطحاوية: "وقريب من معنى هذه الآية قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} وقد ظن طوائف أن هذا دليل التمانع الذي تقدم ذكره وهو أنه لو كان للعالم صانعان.. إلخ، وغفلوا عن مضمون الآية، فإنه سبحانه أخبر أنه لو كان فيهما آلهة غيره ولم يقل أرباب.
وأيضًا فإن هذا إنما هو بعد وجودهما وأنه لو كان فيهما وهما موجدتان آلهة سواه لفسدتا.
وأيضًا فإنه قال: {لَفَسَدَتَا} وهذا فساد بعد الرجوع ولم يقل لم يوجدا ودلت على أنه لا يجوز أن يكون فيهما آلهة متعددة، بل لا يكون الإله إلا واحدًا, وعلى أنه لا يجوز أن يكون هذا الإله الواحد إلا الله سبحانه وتعالى، وأن فساد السموات والأرض يلزم من كون الآلهة فيهما متعددة ومن كون الإله الواحد غير الله، وأنه لا صلاح لهما إلا بأن يكون الإله فيهما هو الله وحده لا غيره.
فلو كان للعالم إلهان معبودان لفسد نظامه كله, فإن قيامه إنما هو بالعدل وبه قامت السموات والأرض, وأظلم الظلم على الإطلاق الشرك وأعدل العدل التوحيد1" انتهى بلفظه.
وقد ألحق بعض المتكلمين بهاتين الآيتين قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} [2]، ظانين أن معناها نفس معنى قوله تعالى: {وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض} وقوله: {لَفَسَدَتَا} ، وقد فسرها الزمخشري بقوله: "لطلبوا إلى من له الملك والربوبية سبيلًا بالمغالبة كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض كقوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [3].
1 شرح الطحاوية ص33. [2] سورة الإسراء آية 42. [3] تفسير الكشاف 2/451.
اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 274