اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 208
آية فيها ما يشير لذلك من قريب أو بعيد، فالقصة في سورة آل عمران ذكرت مولد أمه ونشأتها وبشريتها وفي سورة مريم ذكرت مولد عيسى ونشأته وبشريته, قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً, فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً, قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيّاً, قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً, قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً, قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً, فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً, فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً, فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً} [1].
وولادة مريم وتمنيها الموت ومناداة عيسى لها بالأكل من الشجرة والشرب من النهر والصيام عن الكلام دلالة على أنها من البشر وليس فيها جزء من الألوهية؛ لأن الصفات السابقة صفات نقص يتنزه الإله عنها.
وتبدأ الآيات بعد إظهار بشرية مريم أم عيسى، تبدأ بإظهار بشرية عيسى نفسه حيث تأخذه أمه مولودًا صغيرًا فيستنكر قومها ذلك فتشير إليه فيتكلم فقالوا: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً} [2]، فوصفوه بأنه صبي والصبي سيكبر ويتغير، ثم نطقه بأنه عبد الله آتاه الكتاب وهو نبي، كل هذا تأكيدًا لبشرية عيسى ونفي الألوهية: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً} [3]، ويؤكد هذه العبودية بأن الله جعله مباركًا، والجعل يحصل من جاعل، وإن الله أوصاه بالصلاة والزكاة وهما من العبادات المفترضة على العبيد لله تعالى، والله تعالى قد أوصاه ببر والدته ولم يقل بوالديّ كما قال يحيى قبله، وهذا فيه تأكيد كذلك على [1] سورة مريم آية 16-24. [2] سورة مريم آية 29. [3] سورة مريم آية 30.
اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 208