اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 206
ومسكنه في النار، وأما الآية الأخرى في السورة فتنفي ألوهية عيسى وتقرر بشريته وبشرية أمه كذلك, بأنهما كانا يأكلان الطعام والإله لا يأكل الطعام؛ لأنه مستغنٍ عنه وكفى بالأكل والشرب وما يتبعه من بول وغائط دليلًا أكيدًا على البشرية ونفي الألوهية عمن يعتريه ذلك, قال تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [1].
وفي سياق قصة آل عمران إشارة لقدرة الله على خلق عيسى من غير أب، وأنه خلق قبله آدم من غير أب ولا أم، وفيه تأكيد آخر لبشريته ونفي ألوهيته: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ, الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [2]، ومن قال بعيسى غير هذا القول فهو كاذب يستحق لعنة الله لأنه ما من إله إلا الله والله عزيز حكيم قادر على الانتقام ممن يؤله عيسى ويدعى نبوته لله: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [3].
وأما القصة في سورة المائدة فتبدأ بتذكير عيسى بنعمة الله عليه وعلى والدته، وتكليمه الناس في أطواره المختلفة، وتعليمه التوراة والإنجيل والمعجزات الأخرى الحاصلة بإذن الله وحمايته من كيد بني إسرائيل، هذه النعم كلها تكون من منعم وهو الله ومنعَم عليه وهو عيسى, ويجب على المنعم عليه شكر المنعم وعبادته, ومن كان منعَمًا عليه فليس بإله، ومن احتاج لحماية غيره له فليس بإله، إذ الإله مستغنٍ عن غيره, فحماية الله لعيسى تبين أنه ليس بإله وأنه بشر، وفي القصة كذلك شهادة الحواريين بعيسى -وقولهم حق يؤخذ به لإيمانهم بالله وقربهم لعيسى فقولهم له: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} [4]، فيه [1] سورة المائدة آية 75. [2] سورة آل عمران آية 59-60. [3] سورة آل عمران آية 62. [4] سورة المائدة آية 112.
اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 206