اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 130
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الشرك نوعان أكبر وأصغر فمن خلص منهما وجبت له الجنة ومن مات على الأكبر وجبت له النار, ومن خلص من الأكبر وحصل له بعض الأصغر مع حسنات راجحة على ذنوبه دخل الجنة، فإن تلك الحسنات توحيد كثير مع يسير من الشرك الأصغر, ومن خلص من الشرك الأكبر ولكن كثر الأصغر حتى رجحت به سيئاته دخل النار"[1]. [1] انظر تيسير العزيز الحميد ص75.
واما الحاجة للتوحيد في الدنيا:
فأما بالنسبة للحياة العامة:
فإن الحياة لا تستقيم ولا تصلح إلا على أساس الإيمان بالله الواحد وأنه المتصرف الوحيد في هذا الكون، ثم العبودية الكاملة لهذا الإله الواحد، لأن الأرض عندما يحكمها إله غير الله يتعبد الناس تفسد الحياة على ظهرها ويعمها الشر، ولذلك لما دمر الله فرعون علل ذلك بكونه مفسدًا فقال تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [1]، فاستعمل هنا كلمة المفسدين وهي مرادفة لكلمة الكفر والظلم؛ لأن الكفر والظلم أشنع الفساد في الأرض، لا لأنه يضر الله سبحانه، ولكن لأنه اعتداء على عقائد الناس وإفسادها حتى يسلس للطواغيت أن يتحكموا في رقاب العباد وتعبيدهم لهم من دون الله, كما حكى الله تعالى عن قول فرعون لموسى: {لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [2].
وليست الحياة على الأرض فقط متوقفةً على الوحدانية، بل الكون كله بما فيه ومن فيه لا يستقيم أمره إلا بإله واحد مدبر له: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [3]. [1] سورة الأعراف آية 103. [2] سورة الشعراء آية 29. [3] سورة الأنبياء آية 22.
اسم الکتاب : عقيدة التوحيد في القرآن الكريم المؤلف : ملكاوي، محمد خليل الجزء : 1 صفحة : 130