responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي المؤلف : الحوالي، سفر بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 370
ثانيا: من جهة ثانية هذه النصوص لا تدل على التصديق بل على أمر زائد عنه، فما كتبه الله في قلوب المعادين لأعدائه وما زينه فى قلوب المؤمنين وما نفى دخوله فى قلوب الأعراب وهكذا، ليس هو التصديق المجرد كما يحسبون وإنما هو أعمال قلبية كالمحبة والرضا واليقين ونحوها.
ثالثا: ومن جهة ثالثة يرد عليهم بأن من تأمل هذه النصوص التي أوردها صاحب المواقف يجد أنها تدل على إيمان الجوارح بنوع من أنواع الدلالة، وأن الإيمان المذكور فى بعضها ليس هو الإيمان العام المقابل لكلمة "الكفر" والمرادف لكلمة "الدين"، بل هو الإيمان الخاص المقابل لكلمة "الإسلام" إذا اجتمعا، أي على النحو الذى دل عليه الحديث السابق: "الإسلام علانية والإيمان فى القلب" ولا مجال للبسط أكثر من هذا.
ومن أفسد الأصول التي بناها المرجئة على هذا الاعتقاد - أي انحصار الإيمان فى التصديق القلبي وحده - أنهم حصروا الكفر فى التكذيب القلبي أيضا، حتى أنهم لم يعتبروا الأعمال الكفرية الصريحة كالسجود للصنم، وإهانة المصحف، وسب الرسول صلى الله عليه وسلم إلا دلالات على انتقاء التصديق القلبى، وليست مكفرة بذاتها [1] .
وكذلك لهذه العقيدة أثار عميقة المدى على الأمة، بل هى فى عصرنا هذا أساس للضلال والتخبط الواقع فى مسألة التكفير، ومنها نشأ التوسع فى استخدام " شرط الاستحلال " حتى اشترطوا فى أعمال الكفر الصريحة، كإهانة المصحف، وسب الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلغاء شريعة الله، فقالوا: لا يكفر فاعلها إلا إذا كان مستحلا بقلبه!! واشترط بعضهم مساءلة المرتد قبل الحكم عليه، فإن أقر أنه يعتقد أن فعله كفر، وإن قال أنه مصدق بقلبه ويعتقد أن الإسلام أفضل مما هو عليه من الردة لم يكفروه [2] !!

[1] وهذا من الأصول الثابتة فى مذاهب الأشاعرة قديما وحديثا، انظلا مثلا: المواقف ص 388، وبراءة الأشعريين (1/149) ، ومن أعظم الرد عليهم أن الأشعرى نفسه فى المقالات (1/132،133،141) ذكر هذه الأقوال نفسها عن فرق المرجئة: كالجهمية والصالحية والمريسية وهذا يدل على صحة ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيميه مرارا، وما استنتجناه من بحثنا هذا، وهو أن الأشاعرة على مذهب جهم والصالحى وإن غيروا قليلا.
[2] وغرضهم هو التثبيت فى إطلاق الكفر - بزعمهم - وهذا إلى أفعال الحمقى اقرب منه إلى أفعال المثبتين، وإلا فهل يذهب عاقل إلى طاغوت محارب للشريعة أو إلى زعيم حزب شيوعى فيسأله هل يعتقد أن الإسلام أفضل؟؟!!
اسم الکتاب : ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي المؤلف : الحوالي، سفر بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 370
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست