responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي المؤلف : الحوالي، سفر بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 130
فقد ذهبت الفرق الضالة كل مذهب لتأتي بتعريف للإيمان كما تريد، فمنهم من صرف نظره عن نصوص الوحي كلها، ومنهم من أخذ بعضها وغلا فيه وتعسف في تأويل الباقي أو إنكاره، ومنهم من ظل حائرا متناقضا لا يستقر له قرار.
أما الجماعة - الذين هم الصحابة والتابعون لهم بإحسان - فما حادوا عن منهجهم المأمون قط، فكانوا إذا سئلوا عن الإيمان أجابوا بالوحي لا بالهوى، جوابا يراعى فيه حال السائل ومقام السؤال كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.
فمرة يجيبون السائل بآية جامعة من كتاب الله تعالى، مثل جواب بعضهم بقوله تعالى:
«ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون» الآية [1] .
ومرة يجيبون بحديث كما أجاب النبي صلى الله عليه وسلم جبريل أو وفد عبد القيس [2] .
ومرة يعرفونه بفهم فهموه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال بعضهم: (الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله) [3] ونحو ذلك.
ومن الواضح أنه ليس في شيء من هذا تحديد مجرد للإيمان على المنهج المنطقي المتكلف.
وعندما اتسع الخلاف بين الفرق وانتقلت الأمة من البحث في أعمال الإيمان وفرائضه ليحققوه بكماله إلى البحث في ماهيته المجردة وحده المنطقي - ليتجادلوا فيها - ظهرت الحاجة إلى قول فصل وأصل جامع يعرف به الناس هذا المفهوم في كتاب ربهم وسنة نبيهم، فتواردت أذهان علماء الجماعة وتواطأت أقوالهم وتواترت

[1] كما ورد عن أبي ذر والحسن بن علي رضي الله عنهما، وفي بعض الطرق رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتفصيل الكلام في أسانيده يطول، لكن انظر: الطبري (2/94) ، المصنف (11/128) ، الدر المنثور (1/169) ، فتح القدير (1/173) ، ابن كثير (1/296) ،فتح الباري (1/50) .
[2] حديث وفد عبدقيس متفق عليه. البخاري (1/129) ، مسلم رقم (18،17) . وفيه: "أتدرون ما الإيمان..... شهادة ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة.." الحديث
[3] علق البخاري الجملة الأخيرة، وذكر الحافظ تخريجه كاملا. الفتح (1/48) ، وهو في السنة لعبد الله ابن أحمد (1/98) .
اسم الکتاب : ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي المؤلف : الحوالي، سفر بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست