اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير الجزء : 1 صفحة : 377
أبي السنابل لعلك تريدين النكاح قبل أن يمر عليك أربعة أشهر وعشراً بالنصب، رواه النسائي وهذه الحكاية لا يقتضي أن يكون معناها مراداً لقائله على أنه هو قائله، وأن يكون مقصوده مجرد حكاية كلام الآخر فلا يرد عليه ما في المجتبى وغيره من الكتب الفقيهة، ويقصد بألفاظ التشهد معانيها مرادة له على وجه الإنشاء كأنه يحيي الله تعالى ويسلم على نبيه وعلى نفسه وأوليائه، لا الإخبار عن ذلك، ذكره في المجتبى اهـ. ولعلك قد تفطنت من ههنا أن المراد بالإنشاء والإخبار في هذا القول ليس ما هو مصطلح علماء البيان، بل المراد بالإنشاء قول القائل على أنه هو قائله أعم من أن يكون ذلك القول إنشاء أو إخباراً في الاصطلاح، والمراد بالإخبار مجرد نقل قول الغير وحكايته، على أن كلام الفقهاء هذا مما لا دليل عليه، فلو قصد الإخبار عن السلام وحكايته ولم يقصد الإنشاء فأي محذور فيه؟ فإن الإخبار عن السلام سلام كما أن الإخبار عن الحمد حمد، بل هذا أتم وأكمل، فإن فيه إشارة إلى أن المصلي كأنه يعترف بأنه لا يقدر على سلام النبي صلى الله عليه وسلم كما ينبغي ويليق بشأن الرسول صلى الله عليه وسلم وحقه فيقتصر على حكاية سلام الله تعالى على حبيبه[1]، وقد علم أن الاعتراف بالعجز على آلاء الله تعالى من أكمل أفراد الشكر، فكذلك الاعتراف بالعجز عن سلام النبي صلى الله عليه وسلم ن أكل أفراد السلام فيحصل الامتثال بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ [1] الحق أن هذا وما بعده تنطع، والقول ما قاله الفقهاء، فإننا أمرنا أن نسلم وأن نصلي بهذه الألفاظ، أي ننشئ السلام والصلاة بها، فقولهم لا يحتاج إلى دليل لأنه هو مفهوم الأمر، والإخبار بالسلام بقصد الحكاية دون الإنشاء ليس سلاماً، كما أن حكاية لفظ الحمد أو الإيمان أو الكفر ليس حمداً ولا إيماناً ولا كفراً بالبداهة، وقوله بل هذا أتم وأكمل، وما علله به، كلاهما تنطع ولا يصح، فهو لا يتضمن الاعتراف بعدم القدرة لغة، وهو يشبه تنطع بعض الصوفية إذ قال: اللهم احمد نفسك عمن أمرته أن يتخذك وكيلاً، ولو قال: إن قصد الجمع بأن الإنشاء والحكاية أكمل لصح قوله وتم مراده، وكتبه محمد رشيد رضا.
اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير الجزء : 1 صفحة : 377