responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير    الجزء : 1  صفحة : 190
"وعن أبي يزيد البسطامي قدس الله سره أنه قال: استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون، ومن كلام السجاد رضي الله عنه: إن طلب المحتاج من المحتاج سفه في رأيه وضلة في عقله، ومن دعاء موسى عليه السلام "وبك المستغاث" وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه "إذا استعنت فاستعن بالله" الخبر، وقال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
وبعد هذا كله أنا لا أرى بأساً في التوسل إلى الله تعالى بجاه النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى حياً وميتاً[1]، ويراد من الجاه معنى يرجع إلى صفة من صفاته تعالى، مثل أن يراد به المحبة التامة المستدعية عدم رده وقبول شفاعته، فيكون معنى قول القائل: إلهي أتوسل بجاه نبيك صلى الله عليه وسلم أن تقضي لي حاجتي: إلهي اجعل محبتك له وسيلة في قضاء حاجتي، ولا فرق بين هذا وقولك: إلهي أتوسل برحمتك أن تفعل كذا، إذ معناه أيضاً: إلهي اجعل رحمتك وسيلة في فعل كذا، بل لا أرى بأساً أيضاً بالإقسام على الله تعالى بجاهه صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى، والكلام في الحرمة كالكلام في الجاه، ولا يجري ذلك في التوسل والإقسام بالذات البحت.
نعم لم يعهد التوسل بالجاه والحرمة عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولعل ذلك كان تحاشياً منهم عما يخشى أن يعلق به في أذهان الناس إذ ذاك وهم قريبو عهد بالتوسل بالأصنام شيء[2]، ثم اقتدى بهم من خلفهم من الأئمة الطاهرين، وقد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم هدم الكعبة وتأسيسها على قواعد إبراهيم لكون القوم حديثي عهد بكفر كما ثبت ذلك في الصحيح.
وهذا الذي ذكرته إنما هو لدفع الحرج عن الناس، والفرار من دعوى تضليلهم كما يزعمه البعض في التوسل بجاه عريض الجاه صلى الله عليه وسلم، لا للميل إلى أن الدعاء كذلك أفضل من استعمال الأدعية المأثورة التي جاء بها الكتاب وصرحت بها ألسنة السنة، فإنه لا يستريب منصف في أن ما علمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ودرج عليه الصحابة الكرام رضي الله عنهم وتلقاه من بعدهم بالقبول أفضل وأجمع وأنفع وأسلم، فقد

[1] سيأتي رده.
[2] شيء فاعل يعلق.
اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير    الجزء : 1  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست