responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير    الجزء : 1  صفحة : 169
عليه، فهذا الذي جاء إلى القبر زائراً ودعا الله وحده وتوسل بذلك الميت كأن يقول: اللهم إني أسألك أن تشفيني من كذا، وأتوسل إليك بما لهذا العبد الصالح من العبادة لك والمجاهدة فيك أو التعلم والتعليم خالصاً لك، فهذا لا تردد في جوازه[1] لكن لأي معنى قام يمشي إلى القبر؟ فإن كان لمحض الزيارة ولم يعزم على الدعاء والتوسل إلا بعد تجريد القصد إلى الزيارة فهذا ليس بممنوع، فإنه إنما جاء ليزور، وقد أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيارة القبور لحديث: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها" وهو في الصحيح، وخرج لزيارة الموتى ودعا لهم وعلمنا كيف نقول إذا نحن زرناهم وكان يقول: "السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإنا بكم إن شاء الله لاحقون، وأتاكم ما توعدون، نسأل الله لنا ولكم العافية". وهو أيضاً في الصحيح بألفاظ وطرق، فلم يفعل هذا الزائر إلا ما هو مأذون له به ومشروع، لكن بشرط أن لا يشد راحلته، ولا يعزم على سفر ولا يرحل كما ورد تقييد الإذن بالزيارة للقبور بحديث: "لا تشدوا الرحال إلا لثلاثة مساجد". وهو مقيد لمطلق الزيارة، وقد خصص بمخصصات: (منها) زيارة القبر الشريف النبوي المحمدي على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم، وفي ذلك خلاف بين العلماء، وهي مسألة من المسائل التي طالت ذيولها، واشتهرت أصولها، وامتحن بسببها من امتحن، وليس ذكر ذلك من مقصودنا.
وأما إذا لم يقصد مجرد الزيارة بل قصد المشي إلى القبر ليفعل الدعاء عند فقط وجعل الزيارة تابعة لذلك أو مشى لمجموع الزيارة والدعاء فقد كان يغنيه أن يتوسل إلى الله بما لذلك الميت من الأعمال الصالحة من دون أن يمشي إلى قبره، فإن قال إنما مشيت إلى قبره لأشير إليه عند التوسل به، فيقال له إن الذي يعلم السر وأخفى، ويحول بين المرء وقلبه، ويطلع على خفيات الضمائر، وتنكشف لديه مكنونات السرائر لا يحتاج منك إلى هذه الإشارة التي زعمت أنها الحاملة لك على قصد القبر والمشي إليه، وقد كان يغنيك أن تذكر ذلك الميت باسمه العلم أو بما يتميز به عن غيره، فما أراك

[1] فيه نظر، وهو أن توسل الإنسان بعبادة غيره غير مشروع ولا مأثور ولا معقول، فالتوسل تقرب شرعي، وإنما يتقرب العباد إلى ربهم بما شرعه لهم من الإيمان والعمل الصالح كما فعل أصحاب الغار الثلاثة، وتقدمت الإشارة إليه. وكتبه محمد رشيد رضا.
اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست