responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير    الجزء : 1  صفحة : 161
وأما التقرب للأموات فانظر ما يجعلونه من النذور لهم وعلى قبورهم في كثير من المحلات، ولو طلب الواحد منهم ليسمح بجزء من ذلك لله تعالى لم يفعل، وهذا معلوم يعرفه من عرف أحوال هؤلاء.
فإن قلت: إن هؤلاء القبوريين يعتقدون أن الله تعالى هو الضار، والنافع، والخير والشر بيده، وإن استغاثوا بالأموات قصداً لإنجاز ما يطلبونه من الله سبحانه. قلت: وهكذا كانت الجاهلية، فإنهم يعلمون أن الله هو الضار النافع وأن الخير والشر بيده، وإنما عبدوا أصنامهم لتقربهم إلى الله زلفى كما حكاه الله عنهم في كتابه العزيز. نعم إذا لم يحصل من المسلم إلا مجرد التوسل الذي قدمنا تحقيقه فهو كما ذكرناه سابقاً، ولكن من زعم أنه لم يقع منه إلا مجرد التوسل – وهو يعتقد من تعظيم ذلك الميت ما لا يجوز اعتقاده في أحد من المخلوقين، وزاد على مجرد الاعتقاد فتقرب إلى الأموات بالذبائح والنذور، وناداهم مستغيثاً بهم عند الحاجة – فهذا كاذب في دعواه أنه متوسل فقط، فلو كان الأمر كما زعمه لم يقع منه شيء من ذلك المتوسل به: لا يحتاج إلى رشوة بنذر أو ذبح ولا تعظيم ولا اعتقاد، لأن المدعو هو الله سبحانه وهو أيضاً المجيب، ولا تأثير لمن وقع به التوسل قط، بل هو بمنزلة التوسل بالعمل الصالح فأي جدوى في رشوة من قد صار تحت أطباق الثرى بشيء من ذلك؟ وهل هذا إلا فعل من يعتقد التأثير اشتراكاً أو استقلالاً، ولا أعدل من شهادة أفعال جوارح الإنسان على بطلان ما ينطق به لسانه من الدعاوى الباطلة العاطلة، بل زعم أنه لم يحصل منه إلا مجرد التوسل –وهو يقول بلسانه "يا فلان" منادياً لمن يعتقده من الأموات– فهو كاذب على نفسه، ومن أنكر حصول النداء للأموات والاستغاثة بهم استقلالاً فليخبرنا ما معنى ما سمه في الأقطار اليمنية من قولهم: يا ابن العجيلي، يا زيلعي، يا ابن علوان، يا فلان يا فلان؟ هل ينكر هذا منكر، ويشك فيه شاك؟ وما عدا ديار اليمن فالأمر فيها أطم وأعم، ففي كل قرية ميت يعتقده أهلها وينادونه وفي كل مدينة جماعة منهم، حتى أنهم في حرم الله ينادون: يا ابن عباس، يا محجوب، فما ظنك بغير ذلك؟ فلقد تلطف إبليس وجنوده أخزاهم الله تعالى لغالب أهل الملة الإسلامية بلطفة تزلزل الأقدام عن الإسلام، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست