أن الشارع لم ينقلها ولم يغيِّرها، ولكن استعملها مقيدة لا مطلقة [1] . وهذا القول الثالث هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واستدل عليه بأدلة متعددة وطويلة [2] .
والمسألة تبحث في علم أصول الفقه، فلتنظر تفاصيلها هناك [3] .
وإذا علم هذا، فإن الألفاظ الموجودة في الكتاب أو السنة يُنظر في بيان المراد بها إلى مقصود الشارع لا إلى اللغة أو العُرف الحادث. ألا ترى أننا إذا قرأنا في الكتاب أو السنة أمرا بإقامة الصلاة فإن أذهاننا تنصرف إلى وجوب إقامة تلك العبادة المخصوصة التي تبدأ بالتكبير وتختم بالتسليم؟ ونفس الشيء يقال بالنسبة لألفاظ أخرى كالزكاة والصوم والحج وغيرها.
ولفظ الإيمان - ومثله ألفاظ الإسلام والنفاق والكفر والفسق وغيرها - من هذا النوع، فلا ينبغي أن يؤخذ تعريفُها إلا من بيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يقول شيخ الإسلام رحمه الله:» فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّنَ المراد بهذه الألفاظ بيانا لا يُحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب ونحو ذلك، فلهذا يجب الرجوع في مسميات هذه الأسماء إلى بيان الله ورسوله، فإنه شافٍ كاف « [4] .
وسأذكر- بحول الله عز وجل - أدلةَ كون الإيمان قولا وعملا من الكتاب والسنة وأقوال السلف، عند تفصيل الكلام على أركان الإيمان فيما سيأتي والله أعلم.
الكلام على قول القلب:
قلت في النظم:
فالقول قول القلب أي تصديقُه
بما عن الرسول جا توثيقه
والجزم فيه أعظم المطلوب
فنقضُه بالشك والتكذيب
الشرح: [1] - حاشية ابن الحاج على شرح ميارة: 289. [2] - مجموع الفتاوى: 7/298. [3] - إرشاد الفحول: 49 وشرح المحلي على جمع الجوامع: 1/302. [4] - مجموع الفتاوى: 7/287.