لذلك قال الحافظ في الفتح:» وأطنب ابن أبي حاتم واللالكائي في نقل ذلك بالأسانيد عن جمع كثير من الصحابة والتابعين وكلِّ من يدور عليه الإجماع من الصحابة والتابعين. وحكاه فضيل بن عياض ووكيع عن أهل السنة والجماعة « [1] . وقال أيضا:» وما نقل عن السلف – أي من أن الإيمان قول وعمل – صرح به عبد الرزاق في مصنفه عن سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعيُّ وابنُ جريج ومعمر وغيرهم، وهؤلاء فقهاء الأمصار في عصرهم « [2] .
ويقول الإمام المزني في عقيدته التي ذَكر في آخرها أن ما فيها "اجتمع عليه الماضون الأولون من أئمة الهدى":» والإيمان قول وعمل، وهما شيئان ونِظامان وقرينان لا يُفرَّق بينهما « [3] . ويقول إماما أهل الحديث أبو زرعةَ وأبوحاتمٍ رحمهما الله تعالى:» أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا، فكان من مذهبهم: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص « [4] . كما نقل ابنُ عبد البر في التمهيد الإجماعَ على أن الإيمان قول وعمل [5] .
والحق أن تتبُّعَ مثلَ هذه النقولِ عن السلف أمر طويل ليس المقصودُ استقصاءَه، وإنما المرادُ الإشارة إلى شهرة هذا التعريف، بل تواترِه، كما هو واضح.
هذا وقد نقل عن السلف أقوالٌ أخرى في تعريف الإيمان أشرتُ إليها في النظم، من ذلك قولُ البعض إنه قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، كما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [6] . ومنهم من قال إنه قول وعمل ونية كما نقله اللالكائي عن الإمام الشافعي، قال:» وكان الإجماع من الصحابة والتابعين مِن بعدهم ممن أدركناهم: أن الإيمان قول وعمل ونية ولا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر « [7] . [1] - الفتح: 1/65. [2] - الفتح: 1/64. [3] - اجتماع الجيوش الإسلامية: 83. [4] - اجتماع الجيوش الإسلامية: 121. [5] -التمهيد: 9/248. [6] -مجموع الفتاوى: 7/170. [7] -اللالكائي: 5/957.