الفصل الثالث: نواقض الايمان في الألوهية
قلت في النظم:
وأعظم الإشراك والكفران
لا سيما في هذه الأزمان
صرف العبادة لغير الخالق
باري البريات القدير الرزاق
كالشرك في السؤال والدعاء
لغير قادر على العطاء
والذبح والنذر كذا الطواف
ومثله السجود واعتكاف
والحب والخشية والرجاء
توكل تذلل حياء
وكل ما يدخل في التعبد
صارفه للخلق غير مهتدي
الشرح:
(وأعظم الإشراك والكفران لا سيما في هذه الأزمان) الأخيرة التي عمت فيها حنادس ظلمات الجهل، ودرست فيها آثار العلم (صرفُ العبادة لغير الخالق) سبحانه وتعالى (باري) أي خالق (البريات) كلها (القدير الرازق) وفي تخصيص هذه الأسماء المتضمِّنة لصفات الخلق والرزق والقدرة بالذكر، إشارة إلى أن الألوهية الحقة لا تنبغي إلا لمن له الكمال المطلق في ربوبيته وصفاته. ثم ذكرتُ أمثلة على الشرك في الألوهية في شقها النُّسكي، فقلت:
(كالشرك في السؤال والدعاء) الموجه (لِـ) واحد من المخلوقين (غيرِ قادر على العطاء) الحقيقي، إذ المخلوق لا يعدو أن يكون سببا في المنح والعطاء، والله عز وجل هو المعطي حقا.
(و) كذلك من امثلة العبادات التي لا يحل صرفها لغير الله على وجه الإطلاق (الذبح والنذر - إلى قولي - حياء) . (و) بالجملة فَـ (كل ما يدخل في) صريح (التعبد، صارفه للخلق) من دون الله (غيرُ مهتدي) بل هو مشرك ضال.
تعريف توحيد الألوهية:
الألوهية مصدر ألِه يألَه، أي عبَد يعبُد، وقد سبق بيان ذلك في الفصل الأول. فالألوهية صفة لله تعالى معناها استحقاقه عز وجل للعبادة بمالَه من كمال الربوبية والأسماء والصفات. وهذا التوحيد يسمى كذلك - باعتبار عمل العبد وكسبه - توحيدَ العبادة. وعليه فنحتاج هنا إلى تعريف العبادة لنستطيع أن نتصور حقيقة هذا التوحيد والأقسامَ الداخلة فيه.
فالعبادة يمكن تعريفها باعتبارين اثنين [1] : [1] شرح كتاب التوحيد لابن عتيمين (1/10) ، والتعريف الأول له.