ابن مريم- عليه الصلاة والسلام- من البشرية والرسالة إلى الألوهية، وقالوا: هو ابن الله. وكذلك قوم نوح لما غلوا في الصالحين، وصوروا صورهم وتماثيلهم، ثم عبدوهم من دون الله، فرفعوهم إلى مرتبة الألوهية {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} [نوح:23] جعلوهم آلهة.
وكذلك غيرهم من طوائف المشركين إلى اليوم، يغلون في الصالحين، ويطوفون بقبورهم، ويذبحون لهم، وينذرون لهم، ويستغيثون بالموتى ويستنجدون بهم، يطلبون منهم قضاء الحوائج.
فالغلو يجرُّ أصحابه إلى الشرك، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "لا تُطْرُوني كما أطرت النصارى ابن مريم" والإطراء هو: الغلو في المدح "إنما أنالا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله" [1].
والغلو في الأشخاص من الأنبياء والصالحين، هو الذي أوقع المشركين –من الكتابيين والأميين- في الشرك الأكبر. والواجب أن يُعرف للأشخاص قدرهم اللائق بهم، فيعرف للرسل رسالتهم، ويعرف للصالحين صلاحهم، ويعرف للعلماء علمهم، وأنهم أفضل من غيرهم، ففضل العالم على [1] أخرجه البخاري (رقم 3445) .