رأي: قبيلة إرم، أو البلد الذي كانت تسكنه، تسمى إرماً {ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 7-9] ينحتون الجبال وينقشونها، ويجعلونها مساكن لهم، وهي موجودة إلى الآن، على طريق القوافل إلى الشام {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} [القصص: 58] ، {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} [النمل: 52] .
فهؤلاء أعطاهم الله من القوة الشيء العظيم، وهم كفار، ولما جاءهم أنبياؤهم اغتروا بما عندهم من القوة، ومن الثروة، ومن الأبهة، فتكبروا على الرسل، وبقوا على شركهم، ولم يقبلوا الحق؛ غروراً بما هم عليه من القوة، حتى إن الله ذكر عن عاد أنهم اغتروا بقوتهم {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: 15] .
وأما الاستدلال بالفهم، فبنو إسرائيل، اليهود، أعطاهم الله فهماً وعلماً، وكانوا يعرفون من صفات النبي صلى الله عليه وسلم الذي سيبعث في آخر الزمان، بما عندهم في التوراة والإنجيل، وأنه سيبعث نبي هو خاتم الأنبياء، وأن صفاته كذا وكذا، وكان بينهم وبين العرب في المدينة – من الأوس والخزرج – حروب، {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 89]