وجوب الإيمان بكل ما جاء في القرآن والسنة من صفات الله عز وجل
ثم أوضحها رحمه الله تعالى ببيان أمر خطير ومهم تميز به أهل السنة والجماعة فقال: [وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى عليه السلام من صفات الرحمن وجب الإيمان به، وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل] .
وهذه هي قاعدة أهل السنة والجماعة؛ فإنهم يقولون: إن كل ما جاء في القرآن العظيم فإننا نأخذ به.
وقد يقول قائل: وأيضاً أهل الكلام والمعطلة يأخذون بما في القرآن؟ فنقول: هناك فرق عظيم بين أن يؤخذ بما في القرآن مفسراً للقرآن بالقرآن ومفسراً للقرآن بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ومثبتاً لما ورد، وبين من يأخذ بالقرآن ثم يعمل فيه تحريفاً وتأويلاً.
فالذي قال -مثلاً- في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] : إن (استوى) بمعنى: استولى، هو في الظاهر أخذ بالقرآن، لكنه في الحقيقة لم يثبت ما في القرآن على الوجه الذي يليق بالله سبحانه وتعالى، فحرف اللفظ والنص عن المعنى اللغوي الدال عليه، وهذا هو التحريف والتأويل الباطل الذي منعه الأئمة رحمهم الله تعالى، لكن أهل السنة والجماعة يأخذون بما في القرآن، ويثبتونه على مقتضى ما عرف من لغة العرب التي نزل بها القرآن مضبوطة ومقيدة بالأدلة الأخرى من الكتاب ومن السنة ومن فهم الصحابة رضي الله عنهم جميعاً لهذه النصوص.
أما أن ينطلق إلى نصوص القرآن ثم يعمل فيها كل إنسان بما يشاء فهذا هو الذي فرق الفرق، فحين تأتي إلى المعتزلة أو الخوارج أو المرجئة أو الرافضة تجد أن كلاً منهم يحتج بآيات من القرآن، فهل معنى ذلك أن مذاهبهم صحيحة؛ لأنهم احتجوا بالقرآن؟ نقول: لا؛ لأن الاحتجاج بالقرآن لابد أن يكون على منهاج صحيح وعلى منهاج سليم، ولا يصح أن الواحد يأخذ من النصوص ما يريد ويدع منها ما لا يريد بناءً على أهوائه؛ فإن هذا هو منهاج أهل الأهواء؛ أما منهاج أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى فهو القائم على أسس صحيحة منضبطة في الاستدلال بنصوص الكتاب الكريم، وهكذا في كيفية الاستدلال والفهم.
ولذا قال: (وكل ما جاء في القرآن) ، أي: من الأسماء والصفات، فنحن نثبته لله كما يليق بجلاله وعظمته، ونسلم به.