صحة نفي التمثيل وإثبات التشبيه
والتشبيه والتمثيل متقاربان، والمقصود بالتشبيه هو: أن تجعل لله عز وجل شبيهاً فيما لا يجوز أن يكون له فيه شبيه.
وانظر إلى قولنا: فيما لا يجوز؛ لأنه ليس كل تشبيه ممنوعاً، ولذلك استعمل بعض العلماء من المحققين لفظ التمثيل؛ لأنه هو الذي جاء في الكتاب والسنة، ولم يستعملوا لفظ التشبيه؛ لأن التشبيه لفظ غير مطابق للواقع، فإن ما أخبر الله به عن نفسه، أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم عنه؛ لابد فيه من قدر من المشابهة في المعنى العام الذي يحصل به فهم النص، فليس كل مشابهة منتفية، ولذلك ليس في القرآن لفظ أنه لا شبيه له، بل الذي في القرآن: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] ، والمماثلة أمر زائد على مطلق المشابهة؛ لأن المماثلة هي المساواة من كل وجه، أما المشابهة فهي اتفاق من بعض الوجوه.
فمثلاً: علو الله عز وجل مفهوم المعنى، وهو: الارتفاع عن الغير، لكن ما لله من العلو ليس كما للمخلوق من العلو.
والسمع مفهوم المعنى، وهو إدراك الأصوات، فسمع الله معناه إدراك الأصوات، لكن الصفة التي اتصف بها سبحانه وتعالى ليست هي كسمع المخلوق.
إذاً: ينحصر المحظور في التمثيل، أما التشبيه فلابد منه في قدر، وهذا القدر هو الاشتراك في المعنى العام.
ونقول: إن مراد المؤلف رحمه الله بالتشبيه هنا هو التمثيل؛ ولذلك قال رحمه الله فيما تقدم: (جل عن الأشباه والأنداد) ومقصوده: أنه تعاظم عن أن يكون له مثيل سبحانه وتعالى.
فملخص ما في هذه النقطة هو أن نقول: إن طريق أهل السنة والجماعة هو إثبات النصوص كما أثبتها الله أو أثبتها رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فلا نكيف صفات الله، ولا نمثل الله بخلقه، ولا نعطل النصوص بتحريف أو تأويل، بل نثبت النصوص كما جاءت في الكتاب والسنة، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.