وقل له أيضاً: المشركون الذين نزل فيهم القرآن هل كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغير ذلك؟ فلا بد أن يقول نعم، فقل له: وهل كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح والالتجاء ونحو ذلك؟ وإلا فهم مقرون أنهم عبيده وتحت قهره، وأن الله هو الذي يدبِّر الأمر، ولكن دعوهم والتجؤوا إليهم للجاه والشفاعة، وهذا ظاهر جداً.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأطعت الله ونحرت له، هل هذا عبادة؟) ودليله واضح وبرهانه قاطع (فلابد أن ويقول نعم) لا يمكنه أن يجحده.
(فقل له: فإن نحرت لمخلوق نبي أو جني أو غيرهما هما أهل أشركن في هذه العبادة) يعني عبادة النحر (غير الله؟ فلابد أن يقر ويقول نعم) ما يمكن أن يجحد الثاني بعد الأول، بل إقراره بالأول يلزمه الإقرار الثاني، يعني وكذلك سائر العبادات إما أن يقر أنها عبادة أولا، فإن أنكر كونها عبادة أقيمت عليه الحجة، فإن أقرّ خصم. فبهذا ظهر واتضح جهله وضلاله وانكشفت شبهته وأن قوله: أنا لا أعبد إلا الله ... إلخ. محضُ جهل منه، وأن هذا عبادة لغير الله، وتبيَّن أنه عابدٌ غيرَ الله، وأن ما يصنعه معهم عبادة لهم وأنه عابدٌ الله وعابدٌ غيره.
(وقل له أيضاً) تقدم الجواب الأول وهو جوابٌ كافٍ وافٍ، وأردفه بهذا الجواب الثاني عن شبهته السابقة –كما هو شأنه رحمه الله؛ يذكر جواب الشبهة وافياً، ثم يزيده الجواب والجوابين والثلاثة- وهي قوله: أنا لا أعبد إلا الله، وهذا الالتجاء إليهم ودعاؤهم ليس بعبادة.