responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العقيدة الواسطية للهراس المؤلف : هراس، محمد خليل    الجزء : 1  صفحة : 114
/ش/ قَوْلُهُ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} إلخ، تضمَّنت هَاتَانِ الْآيَتَانِ إِثْبَاتَ صِفَةِ الْوَجْهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَالنُّصُوصُ فِي إِثْبَاتِ الْوَجْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَا تُحصى كَثْرَةً، وَكُلُّهَا تَنْفِي تَأْوِيلَ المعطِّلة الَّذِينَ يُفَسِّرُونَ الْوَجْهَ بِالْجِهَةِ أَوِ الثَّوَابِ أَوِ الذَّاتِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَقِّ أَنَّ الْوَجْهَ صفةٌ غيرُ الذَّاتِ، وَلَا يَقْتَضِي إِثْبَاتُهُ كَوْنَهُ تَعَالَى مُرَكَبًّا مِنْ أَعْضَاءٍ، كَمَا يَقُولُهُ المجسِّمة، بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِلَّهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، فَلَا يُشْبِهُ وَجْهًا وَلَا يُشْبِهُهُ وَجْهٌ.
واستدلَّت المعطِّلة بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ؛ إِذْ لَا خُصُوصَ لِلْوَجْهِ فِي الْبَقَاءِ وَعَدَمِ الْهَلَاكِ.
وَنَحْنُ نُعَارِضُ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وجهٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَمَا جَاءَ اسْتِعْمَالُ هَذَا اللَّفْظِ فِي مَعْنَى الذَّاتِ؛ فَإِنَّ اللَّفْظَ الْمَوْضُوعَ لِمَعْنًى لَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي مَعْنًى آخَرَ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيُّ ثَابِتًا لِلْمَوْصُوفِ، حَتَّى يُمْكِنُ لِلذِّهْنِ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنَ الْمَلْزُومِ إِلَى لَازِمِهِ.
عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ دَفْعُ مَجَازِهِمْ بِطَرِيقٍ آخَرَ؛ فَيُقَالُ: إِنَّهُ أَسْنَدَ الْبَقَاءَ إِلَى الْوَجْهِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ بَقَاءُ الذَّاتِ؛ بَدَلًا مِنْ أَنْ يُقَالَ: أَطْلَقَ الْوَجْهَ وَأَرَادَ الذَّاتَ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ نَقْلًا عَنِ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَضَافَ الْوَجْهَ إِلَى الذَّاتِ، وَأَضَافَ النَّعْتَ إِلَى الْوَجْهِ، فَقَالَ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَام} ؛ دلَّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْوَجْهِ [لَيْسَ بِصِلَةٍ] [1] ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: {ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَام} صفةٌ لِلْوَجْهِ، وَالْوَجْهُ صفةٌ للذَّات.
وَكَيْفَ يُمْكِنُ تَأْوِيلُ الْوَجْهِ بِالذَّاتِ أَوْ بِغَيْرِهَا فِي مِثْلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ الطَّائِفِ: ((أعوذُ بنورِ وجهِكَ الَّذِي أشرقتْ لَهُ الظُّلُمات ... ))

[1] كذا في المطبوع، ولعله: [ليس بصفة] .
اسم الکتاب : شرح العقيدة الواسطية للهراس المؤلف : هراس، محمد خليل    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست