فهذه الآيات.. كل هذه الآيات.. من سورة الحديد وسبأ والأنعام وفاطر. كل هذه الآيات ونحوها دالة على إثبات علمه -سبحانه وتعالى- وأنه الموصوف بالعلم المحيط بكل شيء فهو -تعالى- العليم، والعلم صفته فهو عليم بعلمه وهو -تعالى- علمه لا يعزب عنه شيء {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} [1] وفيها دليل على إحاطة علمه بكل صغير وكبير بالجزئيات وبدقائق المخلوقات خلافًا للملاحدة الذين يقولون: إنه لا يعلم الأشياء إلا بعد وجودها أو لا يعلم الجزئيات، وإنما يعلم المعاني الكلية.
وفي هذه الآيات رد على من قال: إنه لا يعلم الشيء إلا بعد وجوده أولًا يعلم الجزئيات بل يعلم -سبحانه وتعالى- ما كان وما يكون وما لا يكون لو كان كيف يكون كما قال -تعالى- {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [2] والمعطِّلة كالجهمية والمعتزلة والفلاسفة ينفون حقيقة العلم عن الله ينفون صفة العلم، وهذا إلحاد في أسماء الله -تعالى- وصفاته وتنقص لرب العالمين، أئذا كان المخلوق يوصف بالعلم فكيف لا يوصف الخالق وهو أحق بكل كمال؟ فعلمه -تعالى- ثابت بالعقل وبالسمع يعني بالعقل وبالنصوص الشرعية. [1] - سورة سبأ آية: 3. [2] - سورة الأنعام آية: 28.