وقد جاء تفسير الزيادة والمزيد بأنه النظر إلى وجهه الكريم -سبحانه وتعالى- للذين أحسنوا الحسنى الجنة وزيادة، أي زيادة؟ زيادة عظيمة، ألا وهي نظرهم إلى وجهه -تعالى- الكريم، وفي الدعاء المأثور: " وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم " نسأله -تعالى- أن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم.
هذه أظهر الآيات التي يستدل بها على إثبات رؤية العباد لربهم -سبحانه وتعالى- وهناك أدلة منها: قوله -تعالى-: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [1] وهي ما يتمسك به المعطلة، يتمسكون بهذه الآية، ويقولون: لا تدركه الأبصار، يعني: لا تراه الأبصار، ثم يحرفون الآيات الأخرى، وهذه الآية التي يحتجون بها على نفي الرؤية، هي حجة عليهم؛ لأن الصحيح أن الإدراك المنفي هو الإحاطة، فمعنى قوله -تعالى-: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [2] يعني: لا تحيط به الأبصار؛ وذلك لكمال عظمته -سبحانه وتعالى- ونفي الإحاطة يستلزم إثبات الرؤية من غير إحاطة، إذ لو كان لا يرى مطلقا لما كان لنفي الإحاطة -وهو المعنى الخاص- لما كان له فائدة، فنفي الإحاطة يستلزم إثبات الرؤية، لكن من غير إحاطة.
فكانت الآية التي يستدل بها المعطلة على نفي الرؤية، هي دليل عليهم لا لهم، ولعل الإمام ابن تيمية تعمد هذا الترتيب، وتحراه وهو أنه ختم هذه النصوص التي أوردها من القرآن على إثبات صفات الرب، مما يحقق للعباد معرفتهم بربهم، فنحن عرفنا ربنا بأسمائه وصفاته، وذلك بما أنزله في كتابه وبلغه رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيحصل للعباد في هذه الحياة العلم بربهم، لكنه علم من غير إحاطة {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110) } [3] .
ففي الدنيا العباد لا يرونه، لكنهم يعلمون علما من غير إحاطة، ويوم القيامة يرونه، فيجتمع لهم العلم الذي في قلوبهم، والرؤية له -تعالى- بأبصارهم، وهذه غاية. [1] - سورة الأنعام آية: 103. [2] - سورة الأنعام آية: 103. [3] - سورة طه آية: 110.