responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية المؤلف : الراجحي، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 292
ونؤمن بالكرام الكاتبين؛ فإن الله قد جعلهم علينا حافظين

نعم هذا من عقيدة أهل السنة والجماعة، الإيمان بالكرام الكاتبين؛ فإن الله جعلهم علينا حافظين، والمراد بالكرام الكاتبين الملائكة الذين كلفهم الله بكتابة أفعال العباد وأقوالهم من خير وشر، وعددهم أربع: اثنان بالنهار واثنان بالليل، واحد عن اليمين يكتب الحسنات، والآخر عن الشمال يكتب السيئات، وكاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات، فإذا عمل الشخص حسنة كتبها، وإن عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: دعه لعله يستغفر ربه، أو يتوب، وهناك أربعة حفظة: اثنان بالنهار واثنان بالليل يحفظانه، ويحرسانه واحد من ورائه، وواحد أمامه، فهو بين أربعة أملاك بالليل، وأربعة آخرين بالنهار بدل، حافظان وكاتبان والذي تكتبه الملائكة تكتب القول، وتكتب الفعل، وتكتب النية، فالملكان يكتبان أفعال العباد من خير، أو شر وغيرهما، قولا كان، أو فعلا، أو عملا، أو اعتقادا همًّا كان، أو عزما، أو تقريرا، فلا يهملان من أفعال العباد شيئا في كل حال.
والدليل على هذا قول الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) } بعد قوله: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) } والرقيب والعتيد ملكان موكلان بالعبد، وقال تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ ونجواهم، بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80) } ودليل كتابة الفعل والقول والنية، قول الله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) } وتدخل النية؛ لأنها فعل القلب ودليل كتابة النية والعمل قوله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل في الحديث القدسي: - قول الله تعالى في الحديث القدسي- (قال الله عز وجل إذا هم عبدي بسيئة، فلا تكتبوها عليه؛ فإن عملها، فاكتبوها عليه سيئة، وإذا هم عبدي بحسنة، فلم يعملها فاكتبوها له حسنة؛ فإن عملها فاكتبوها عشرة) .
وهو في الصحيحين، واللفظ لمسلم، ودليل كتابة النية وحدها قوله صلى الله عليه وسلم (قالت الملائكة ذاك عبد يريد أن يعمل سيئة، وهو أبصر به، قال: ارقبوه؛ فإن عملها، فاكتبوها بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جرّاي) وهو في الصحيحين.
وجه الدلالة: أن تركها من أجل الله، هو سبب كتابة الحسنة، أما إذا لم يتركها من أجل الله، بل تركها عجزا، فتكتب عليه سيئة لحديث: (إذا التقي المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار، قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه) فلم يترك المقتول القتل من أجل الله، بل لعجزه، فكتب عليه سيئة، ودليل كتابة نوع من السيئات قوله تعالى: {إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) } وهو يشمل القول والفعل والنية، ودليل كتابة الفعل وحده قول الله تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) } ومن السنة ما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيصعد إليه الذين كانوا فيكم، فيسألهم -والله أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم، وهم يصلون وفارقناهم، وهم يصلون) وفي الحديث الآخر، (إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء، وعند الجماع فاستحيوا، وأكرموهم) .
جاء في التفسير: اثنان عن اليمين، وعن الشمال، يكتبان الأعمال، صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات، وملكان آخران يحفظانه، ويحرسانه، واحد من ورائه، وواحد أمامه، فهو بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بالليل بدلا، حافظان وكاتبان، ونكتفي بهذا القدر، والبحث في هذا يطول. نعم.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية المؤلف : الراجحي، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 292
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست