responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية المؤلف : الراجحي، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 25
وَلَا يُشْبِهُ الْأَنَامَ

ولا يشبه الأنام أي أن الله -سبحانه وتعالى- لا يشبه أحدا من خلقه والأنام هم الناس كما قال الله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) } . وقيل: المراد بهم الثقلان الجن والإنس، وقيل: المراد بهم كل ذي روح. والأقرب الأنام: الناس. والأفضل الأنام: الناس. ولا يشبه الأنام: المعنى لا يشبه أحدًا من خلقه.
وأراد المصنف الرد على المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه ويغلون في الإثبات، فيقول أحدهم: عِلْم الله كعلم المخلوقين وقدرته كقدرتهم، وسمعه كسمعهم واستواؤه كاستوائهم.
وهذا هو مذهب المشبهة والغالب أن المشبهة من غلاة الشيعة. وأول من قال إن الله جسم: هشام بن الحكم الرافضي وبيان بن سمعان التميمي الذي تنسب إليه البيانية من غالية الشيعة.
وكان يقول: إن الله على صورة الإنسان. ومِن المشبهة هشام بن سالم الجَوَاليقي وداود الجَوَاربي، ومذهبهم الغلوُّ في الإثبات حتى أدخلوا في ذلك ما نفاه الله ورسوله.
حتى أثبتوا أنَّ الله يُرى في الدنيا بالأبصار وأنه يُصَافح ويعانَق، ويحاضر ويسامر، وينزل عشية عرفة على جَمَل، وقال بعضهم: إنه يندم ويحزن ويبكي.
تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرا، كما قالت اليهود، شابهوا اليهود في هذا، وهؤلاء ما قدروا الله حق قدره، قال -سبحانه وتعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} .
كيف يقولون: إن الله ينزل بين طبقتين ينزل عشية عرفة على جمل ويكون بين طبقات، تكون السماء فوقه والأرض تحته، فيكون مختلطا بالمخلوقات -تعالى الله عما يقولون-.
والله تعالى يقول: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وثبت في الحديث الصحيح (أن الله يضع السماوات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والجبال على إصبع، وسائر خلقه على إصبع، ثم يهزهن بيده فيقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟) خمسة أصابع!.
وفى الحديث: (ما السماوات السبع والأرضين السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في كف أحدكم) ومعلوم أن الإنسان إذا كان في يده خردلة فهو مسيطر عليها مستو، عليها، إن شاء قبضها وإن شاء جعلها تحته، فكيف يقول هؤلاء الكفرة: إن الله ينزل عشية عرفة على جَمَل، وتكون السماء فوقه والأرض تحته؟ -تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرا-.
والتشبيه مذهب باطل قد جاءت النصوص بنفيه وإبطاله، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) } وقال سبحانه: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) } وقال سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} .
وقال سبحانه: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) } ومن شبَّه الله بخلقه، اعتقد أن الله يشبه المخلوقات فهو في الحقيقة لم يعبد الله على الحقيقة وإنما يعبد وثنا صوره خياله ونحته له فكره. فهم من عباد الأوثان لا من عباد الرحمن كما قال العلامة ابن القيم في كتابه (الشافية) :
لسنا نشبه وصفه بصفاتنا *** إن المشبه عابد الأوثان
ومَن شبَّه الله بخلقه فقد شابه النصارى، وكما أن الله لا يشبه أحدا من خلقه فهو لا يشبهه أحدٌ من خلقه، ومذهب المشبهة عكس مذهب النصارى؛ فالمشبهة شبهوا الله بخلقه وقالوا: إن الله مثل المخلوقات والنصارى شبهوا المخلوق بالخالق.
المشبهة شبهوا الخالق بالمخلوق فقالوا: إن صفة الله كصفة المخلوق، والنصارى شبهوا المخلوق بالخالق فقالوا: إن عيسى ابن الله فالنسبة بين المشبهة والنصارى عكسية. وكل منهم مشبهة.
ولهذا قال العلامة ابن القيم في كتابه (الشافية) :
من مثل الله العظيم بخلقه *** فهو النسيب لمشرك نصراني
وقال نعيم بن حماد شيخ البخاري -رحمه الله- من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد كفر، وليس في ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله من ذلك تشبيه، قال إسحاق بن راهويه الإمام المشهور: مَن شبه الله بخلقه فقال: إن الله يشبه أحدا من خلقه في صفاته فهو كافر بالله العظيم، أو كما ورد عنه -رحمه الله-.
وبهذا يتبين أن المشبهة كفار، وأن غالبهم من غلاة الشيعة، نسأل الله السلامة والعافية!.
نكتفي بهذا القدر، نسأل الله للجميع العمل الصالح، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية المؤلف : الراجحي، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست