responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية المؤلف : الراجحي، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 198
والعرش والكرسي حق، وهو مستغن عن العرش وما دونه محيط بكل شيء وفوقه وقد أعجز عن الإحاطة خلقه

نعم في هذا بيان أن الله -سبحانه وتعالى- غني عن العالمين، وأنه -سبحانه وتعالى- محيط بكل شيء فهو -سبحانه- غني عن العالمين، متصف بالغنى، فلا يحتاج إلى أحد، لا إلى العرش ولا إلى الكرسي ولا إلى السماوات ولا إلى الخلائق أجمعين؛ لأنه -سبحانه وتعالى- له وصف الغني، فهو غني بالذات كما قال -سبحانه-: {إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) } وقال تعالى: {هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) } وهو -سبحانه وتعالى- محيط بكل شيء، ولا يحيط به شيء من المخلوقات، قال سبحانه: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) } وقال سبحانه: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) } وليس المراد من إحاطته بخلقه -سبحانه- أنه كالفلك، وأن المخلوقات داخل ذاته المقدسة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، هذا معنى فاسد قد يفهمه البعض، بعض الملاحدة بعض الحلولية الذين يقولون: إن الله حال في المخلوقات، يقولون: معنى إحاطة الله بخلقه، أنه كالفلك، وأن المخلوقات داخله، هذا باطل.
والمعنى الصحيح للإحاطة، المراد بإحاطة عظمته، سبحانه وسعة علمه وقدرته، وأن المخلوقات بالنسبة إلى عظمته كالخردلة حبة صغيرة، كما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: ما السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم، السماوات السبع والأرضين السبع في يد الرحمن كخردلة حبة صغيرة في يد أحدكم، ومعلوم ولله المثل الأعلى أن الواحد منا إذا كان عنده خردلة إن شاء قبضها وأحاط قبضته بها، وإن شاء جعلها تحته، وهو في الحالين مباين لها عال عليها فوقها من جميع الوجوه، فكيف بالعظيم الذي لا يحيط بعظمته وصف واصف، لو شاء سبحانه لقبض السماوات والأرض اليوم، وفعل بها كما يفعل بها يوم القيامة هو سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، وهو محيط بكل شيء.
والعرش والكرسي مخلوقان عظيمان من مخلوقات الله عز وجل وأصل العرش في اللغة عبارة عن السرير الذي للملك سمي عرشا؛ لارتفاعه عليه قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: والاشتقاق يشهد لذلك، كقول الله تعالى: {مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} وقال سبحانه: {وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) } المعروشات: الشجر المعروش ما قام على ساق وغير المعروش ما كان منبطحا على الأرض، فالعين والراء والشين تدل على الارتفاع، فالشجر المعروش ما قام على ساق، وغير المعروش ما كان منبطحا على الأرض؛ ولأن مقعد الملك يكون أعلى من غيره قال الله تعالى عن بلقيس: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) } وقال عن يوسف عليه الصلاة والسلام: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} إذن العرش في اللغة سرير الملك.
والمراد بالعرش في النصوص هنا العرش الذي أضافه الله لنفسه -سبحانه وتعالى- في مثل قوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} وقوله سبحانه: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) } وهو سرير عظيم ذو قوائم تحمله الملائكة، وهو كالقبة على العالم، وهو سقف هذه المخلوقات سرير عظيم ذو قوائم تحمله الملائكة، وهو كالقبة على العالم، وهو سقف هذه المخلوقات، وهذا العرش وصفه الله بأوصاف وصفه الله بالعظمة.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية المؤلف : الراجحي، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست