فالله تعالى مختص بوجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، والعبد لا يشركه في شيء من ذلك، والعبد أيضاً مختص بوجوده وعلمه وقدرته، والله تعالى منزه عن مشاركة العبد في خصائصه] اهـ.
الشرح:
علم الكلام ثمرته قليلة، والمصنف رحمه الله أطال في الرد هنا، يريد أن يلزمهم بجنس كلامهم، وإلا فالأسلوب الفطري أخصر وأسهل للفهم.
فمن لا يثبت وجود الله لا بد أنه يثبت وجود المخلوقات، وهذه المخلوقات الموجودة كانت بعد أن لم تكن، وما كان بعد أن لم يكن فهو مفتقر إلى من أوجده، ومن أوجد يستلزم العقل أن يكون كائناً أزلياً لا أول لوجوده، أما هذا الذي كان بعد أن لم يكن فإنه مخلوق لخالق هو الله سبحانه وتعالى، وافتقار المخلوق إليه فهو افتقار إلى غني وإلى خالق أزلي لا أول لوجوده، وهذا أمر مقطوع به لا يكابر فيه إلا من سلب نعمة العقل بالكلية، فهذا شيء موجود وهذا شيء موجود، وتماثلهما ممتنع؛ لأنه اجتماع للضدين.
بل لهذا وجود مستقل وصفات مستقلة، ولهذا وجود مستقل وصفات مستقلة عن الآخر، فالاشتراك في كونهما موجودين لا يستلزم الاشتراك في الصفات، فهما متفقان من وجه ومختلفان من وجه، متفقان في الاسم: أن هذا يسمى شيء ويسمى موجود، ولكن مختلفان في الحقيقة؛ فهذا وجوده وجود كمال وأزلي، وهذا وجوده حادث وناقص، فاتفقا من وجه واختلفا من وجه.
فهذا كله لا يستلزم التشبيه ولا يقتضيه -ولله الحمد- فليس إثبات ما أثبته الله لنفسه أو رسوله مما يقتضي التشبيه أو يستلزمه.
والطائفة الأخيرة "الرابعة" هي: التي قالت بقضية الاشتراك الكلي والوجود الكلي، وكونه في الأعيان أو كونه في الأذهان.
قال المصنف رحمه الله تعالى: