فالتقت عاطفة بلا عقل صحيح سليم مع الجدليات-أي: الشيعة - وكلام بلا عاطفة -أي: المعتزلة - وأصبحا خطاً واحداً ومنهجاً واحداً، بينما لو قارنَّا كلام الشيعة المتأخرين لوجدناه يخالف كلام الشيعة الأولين في موضوع التشبيه؛ لأن الأولين مشبهة والآخرين معطلة، ولو نظرنا إِلَى المعتزلة الأولين لوجدناهم يكفرون أو يفسقون عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وهم أقرب إِلَى رأي الخوارج، بينما المعتزلة المتأخرين نجد أنهم متشيعين يثبتون الإمامة والخلافة لعَلِيّ أمير المؤمنين وحده، ويبطلون خلافة من عداه.
أما أهل السنة فقد اتفقوا عَلَى أن الله تَعَالَى ليس كمثله شيء، وهم وسط بين المعطلة والمشبهة، فعرفوا حقيقة الإثبات وحقيقة التنزيه؛ لأنهم اتبعوا ما جَاءَ في الكتاب والسنة.
وموقف أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ من التشبيه أنهم ينفونه عن الله كما نفاه الله تَعَالَى عن نفسه حيث قال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] ونحوها من الآيات، لكن لفظة التشبيه صارت كلمة مجملة تحمل معنيين: أحدهما صحيح، والآخر باطل.
فأهل السنة ينفون التشبيه بمعنى أنه نفي مالا يليق به -سبحانه- مما هو من صفات المخلوقين.
والمعطلة ينفون التشبيه عن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بمعنى نفي بعض صفاته، ويقولون: إننا ننفيها عنه؛ لأنها تقتضي أو تستلزم أو توهم التشبيه، ونحو ذلك من العبارات.