فأول أمةٍ وقع فيها الشرك هم قوم نوح -عَلَيْهِ السَّلام- حيث شبهوا المخلوقات بالخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسراً، وهم أُناسٌ صالحون عبادٌ لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فصوروهم ليتذكروا بهم عبادة الله، ثُمَّ غلوا في التعظيم حتى عبدوهم، ثُمَّ جعلوهم آلهة، وجعلوا لهم مما لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- من الخصائص: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا [نوح:23] فهم شبهوا هذه المخلوقات بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما رفعوها إِلَى منزلة الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وكذلك عُبّاد الأصنام من سائر الأقوام إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان العرب يفعلون ذلك، ومن أعظم الطواغيت الذي ذكرهم الله تعالى في القرآن فرعون، وقد قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [النازعات:24] فشبّه نفسه بالخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولم يُشبه الله بنفسه. وهكذا كَانَ أكثر الأمم، إما أن يجعلوا الحجارة كالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أو يجعلوا الملوك والأباطرة كالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أو يجعلوا الأحبار والرهبان كالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ [التوبة:31] .
وهذا ما وقعت فيه طائفة الصوفية من هذه الأمة وما شابهها من الطوائف، ولا سيما الرافضة.