responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية المؤلف : ابن جبرين    الجزء : 1  صفحة : 9
توحيد الربوبية
قال رحمه الله: [وأما الثاني فهو توحيد الربوبية، كالإقرار بأنه خالق كل شيء، وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والأفعال، وهذا التوحيد حق لا ريب فيه، وهو الغاية عند كثير من أهل النظر والكلام وطائفة من الصوفية، وهذا التوحيد لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم، بل القلوب مفطورة على الإقرار به أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات، كما قالت الرسل فيما حكى الله عنهم: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [إبراهيم:10]] .
وتوحيد الربوبية يقرأه الأطفال في المدارس، وهو معرفة الله تعالى بأفعاله، فإذا قيل لك: بم عرفت ربك؟ فقل: بآياته ومخلوقاته.
هذا هو توحيد الربوبية، ويكون بالنظر في هذه المخلوقات وفي أفعال الله تعالى، وذكروا أنه لما نزل قول الله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة:163] سأل بعضهم فقال: ما هو الدليل على أن إلهنا إله واحد لا إله إلا هو؟ فنزلت الآية بعدها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة:164] يعني: تفكروا في هذه الأشياء لتكون آية لكم على أي شيء.
فهي آية على أن الرب هو الإله الواحد، وكم في القرآن من آيات بمثل هذا، كقوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً} [يس:33] ، {وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس:37] ، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الروم:20] ، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً} [الروم:21] ، {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم:22] ، وفي السور المكية الكثير من ذلك، كقوله في سورة المرسلات: {أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ كِفَاتاً} [المرسلات:25] إلى آخره، ثم في السورة التي تليها: {أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَاداً} [النبأ:6] إلى آخره، ثم في السورة التي تليها: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات:27] إلى آخره، ثم في السورة التي تليها: {فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً} [عبس:24-25] إلى آخره، فإن هذه آيات تدل على توحيد الربوبية الذي يقصد منه تثبيت توحيد الإلهية.

اسم الکتاب : شرح الطحاوية المؤلف : ابن جبرين    الجزء : 1  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست