responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ت الأرناؤوط المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 251
الْعِلْمِ، فَإِنَّ نَفْيَ الْعِلْمِ بِهِ لَيْسَ بِكَمَالٍ، وَإِنَّمَا الْكَمَالُ فِي إِثْبَاتِ الْعِلْمِ وَنَفْيِ الْإِحَاطَةِ بِهِ عِلْمًا. فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يُحَاطُ بِهِ رُؤْيَةً، كَمَا لَا يُحَاطُ بِهِ عِلْمًا.

[اصْطِلَاحُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَعْنَى التَّأْوِيلِ]
وَقَوْلُهُ: ((أَوْ تَأَوَّلَهَا بِفَهْمٍ)) أَيِ ادَّعَى أَنَّهُ فَهِمَ لَهَا تَأْوِيلًا يُخَالِفُ ظَاهِرَهَا، وَمَا يَفْهَمُهُ كُلُّ عَرَبِيٍّ مِنْ مَعْنَاهَا، فَإِنَّهُ قَدْ صَارَ اصْطِلَاحُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَعْنَى التَّأْوِيلِ: أَنَّهُ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَبِهَذَا تَسَلَّطَ الْمُحَرِّفُونَ عَلَى النُّصُوصِ، وَقَالُوا: نَحْنُ نَتَأَوَّلُ مَا يُخَالِفُ قَوْلَنَا، فَسَمَّوُا التَّحْرِيفَ تَأْوِيلًا، تَزْيِينًا لَهُ وَزَخْرَفَةً لِيُقْبَلَ، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ الَّذِينَ زَخْرَفُوا الْبَاطِلَ، قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112] (الْأَنْعَامِ: 112) . وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ. فَكَمْ مِنْ بَاطِلٍ قَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مُزَخْرَفٌ عُورِضَ بِهِ دَلِيلُ الْحَقِّ. وَكَلَامُهُ هَنَا نَظِيرُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ: ((لَا نَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مُتَأَوِّلِينَ بِآرَائِنَا، وَلَا مُتَوَهِّمِينَ بِأَهْوَائِنَا)) . ثُمَّ أَكَّدَ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: ((إِذَا كَانَ تَأْوِيلُ الرُّؤْيَةِ - وَتَأْوِيلُ كُلِّ مَعْنًى يُضَافُ إِلَى الرُّبُوبِيَّةِ: تَرْكَ التَّأْوِيلِ، وَلُزُومَ التَّسْلِيمِ، وَعَلَيْهِ دِينُ الْمُسْلِمِينَ)) . وَمُرَادُهُ تَرْكُ التَّأْوِيلِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ تَأْوِيلًا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَلَكِنَّ الشَّيْخَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَأَدَّبَ وَجَادَلَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] (النَّحْلِ: 125) . وَلَيْسَ مُرَادُهُ تَرْكَ كُلِّ مَا يُسَمَّى تَأْوِيلًا، وَلَا تَرْكَ شَيْءٍ مِنَ الظَّوَاهِرِ لِبَعْضِ النَّاسِ لِدَلِيلٍ رَاجِحٍ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَإِنَّمَا مُرَادُهُ تَرْكُ التَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ الْمُبْتَدَعَةِ، الْمُخَالَفَةِ لِمَذْهَبِ السَّلَفِ، الَّتِي يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى فَسَادِهَا، وَتَرْكُ الْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ.

اسم الکتاب : شرح الطحاوية - ت الأرناؤوط المؤلف : ابن أبي العز    الجزء : 1  صفحة : 251
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست