القسم الثاني
مقدمة ابن تيمية
الفصل الأول: الأصل الأول "التوحيد والصفات"
الأصل الأول: التوحيد والصفات
...
الأصل الأول
التوحيد والصفات
قال شيخ الإسلام:
"فأما الأول وهو التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله نفياً وإثباتاً، فيُثبَت لله ما أثبته لنفسه ويُنفَى عنه ما نفاه عن نفسه، وقد عُلِم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع ما أثبته من الصفات من غير إلحاد لا في أسمائه ولا في آياته، فإن الله ذمَّ الذين يلحدون في أسمائه، وآياته كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 18.] ، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمَّنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت:40] .
فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات إثباتاً بلا تشبيه، وتنزيهاً بلا تعطيل، كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] ، ففي قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رد للتشبيه والتمثيل، وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رد للإلحاد والتعطيل.
والله سبحانه وتعالى بعث رسله بإثبات مفصّل، ونفيٍ مجمل، فأثبتوا له الصفات على وجه التفصيل، ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه