لم يزل يعلم أصحابه ذلك، وكذلك علماء المسلمين جميعاً دعوا إلى ذلك وكان من أولئك العلماء: شيخ الإسلام ابن تيمية في كثير من كتبه ورسائله، ومن بين تلكم الرسائل (الرسالة التدمرية) .
ولا تخفى أهمية هذه الرسالة لما فيها من تحرير للقواعد، وتأصيل في الرد على أهل البدع، وذلك في أصلين عظيمين:
الأول: في الاعتقاد.
والثاني: في العمل.
فالاعتقاد: انحرف فيه جماعة من أهل الكلام فعارضوا الكتاب والسنة بأفكار فلسفية، وآراء كلامية.
والعمل: انحرف فيه مجموعة من العُبَّاد والزُّهاد الذين عملوا بغير هدى من الكتاب والسنة.
فبيَّن ـ رحمه الله ـ الواجب في الأصل وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي ما نفاه عن نفسه، والواجب في الثاني الاجتهاد في فعل المأمور وترك المحظور مع الاستغفار بعد ذلك قال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17] ، ثم بيَّن حال الناس في الاستعانة والعبادة وأنهم على أربعة أحوال:
الأولى: المؤمنون الذين جمعوا بينهما.
الثانية: من عبدوا الله من غير استعانة.
الثالثة: من عندهم استعانة من غير استقامة.
الرابعة: من لا يعبد الله ولا يستعين به وهم من شر هذه الأنواع.
وأما المخالفون في الاعتقاد فقد رد عليهم شيخ الإسلام وحصر مناظرتهم في أصلين:
الأول: القول في بعض الصفات كالقول في بعض.
الثاني: القول في الصفات كالقول في الذات.