كَانَ تَوَّابًا} [1] [النصر: [1]ـ[3]] ، وفي الحديث الصحيح أنه كان صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" يتأول القرآن[2].
وأما في القدر فعليه أن يستعين بالله في فعل ما أمر به، ويتوكل عليه، ويدعوه، ويرغب إليه، ويستعيذ به، فيكون مفتقراً إليه في طلب الخير وترك الشر، وعليه أن يصبر على المقدور، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وإذا آذاه الناس علم أن ذلك مقدَّر عليه.
ومن هذا الباب احتجاج آدم وموسى، لما قال: يا آدم، أنت أبو البشر خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه، فبكم وجدت مكتوباً عليَّ قبل أن أُخلق {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] ، قال: بكذا وكذا سنة، قال: فحج آدم موسى[3]. وذلك أن موسى لم يكن عتبه للآدم لأجل الذنب، فإن آدم كان قد تاب منه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولكن لأجل المصيبة التي لحقتهم من ذلك، وهم مأمورون أن ينظروا إلى القدر في المصائب، وأن يستغفروا من المعائب، كما قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [غافر: 55] .
فمن راعى الأمر والقدر ـ كما ذكر ـ كان عابداً لله، مطيعاً له، مستعيناً به، متوكلاً عليه، من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وقد جمع الله سبحانه بين هذين الأصلين في غير موضع، كقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ، وقوله تعالى: {فَاعْبُدْهُ [1] أخرجه مسلم في صحيحه (1/2318 برقم 591) . [2] تقدم تخريجه. [3] متفق عليه: صحيح البخاري (6/441 برقم 3409) صحيح مسلم (4/2042ـ 2044برقم 2652) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وغيره.