متماثلة، فلو قامت به الصفات للزم أن يكون مماثلاً لسائر الأجسام، وهذا هو التشبيه.
وكذلك يقول هذا كثير من الصفاتية الذي يثبتون الصفات وينفون علوه على العرش وقيام الأفعال الاختيارية به ونحو ذلك، ويقولون: الصفات قد تقوم بما ليس بجسم، وأما العلو على العالم فلا يصح إلا إذا كان جسماً، فلو أثبتنا علوه للزم أن يكون جسماً، وحينئذٍ فالأجسام متماثلة فيلزم التشبيه.
فلهذا تجد هؤلاء يسمُّون من أثبت العلو ونحوه مشبِّهاً، ولا يسمُّون من أثبت السمع والبصر والكلام ونحوه مشبِّهاً، كما يقوله صاحب "الإرشاد" وأمثاله.
وكذلك قد يوافقهم على القول بتماثل الأجسام القاضي أبو يعلى وأمثاله من مثبتة الصفات والعلو، ولكن هؤلاء قد يجعلون العلو صفة خبرية، كما هو أول قولي القاضي أبي يعلى، فيكون الكلام فيه كالكلام في الوجه، وقد يقولون: إن ما يثبتونه لا ينافي في الجسم، كما يقولونه في سائر الصفات، والعاقل إذا تأمّل وجد الأمر فيما نفوه كالأمر فيما أثبتوه لا فرق.
وأصل كلام هؤلاء كلهم على أن إثبات الصفات يستلزم التجسيم، والأجسام متماثلة، والمثبتون يجيبون عن هذا تارة بمنع المقدمة الأولى، وتارة بمنع المقدمة الثانية، وتارة بمنع كلتا المقدمتين، وتارة باستفصال.
ولا ريب أن قولهم بتماثل الأجسام قول باطل، سواء فسّروا الجسم بما يشار إليه، أو بالقائم بنفسه، أو بالموجود، أو بالمركب من الهيولي والصورة، ونحو ذلك.
فأما إذا فسروه بالمركب من الجواهر المفردة على أنها متماثلة، فهذا يُبنى على صحة ذلك، وعلى إثبات الجواهر المفردة وعلى أنها متماثلة، وجمهور العقلاء يخالفونهم في ذلك.
والمقصود أنهم يطلقون التشبيه على ما يعتقدونه تجسيماً بناء على تماثل الأجسام، والمثبتون ينازعهم في اعتقادهم، كإطلاق الرافضة لـ "النَّصب" على من تولى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، بناءً على من أحبهما فقد أبغض