* وجهة الغلط عندهم من وجهين:
1 ـ أنهم جعلوا نصوص الصفات من قبيل المتشابه دون تفصيل لمعنى التشابه المقصود فيها.
2 ـ عدم معرفتهم لإطلاقات التأويل، فإنهم قالوا: إنها متشابه لا يعلم تأويله إلا الله، والتأويل الذي استأثر الله بعلمه إنما هو الحقيقة والكيفية، والتأويل الباطل إنما هو تأويل أهل التحريف وهو صرف اللفظ عن ظاهره بغير دليل، بل بمجرد التوهمات الباطلة التي تمجها العقول الفاضلة وهم في تأويلاتهم تلك يفرون من محاذير بزعمهم فيقعون في نظيرها أو أقبح منها.
* ويظهر تناقضهم من وجوه:
1 ـ أنهم ينسبون مذهبهم إلى السلف فلذلك قالوا: "مذهب السلف التفويض، ومذهب الخلف التأويل"، وقالوا: "ومذهب السلف أسلم، ومذهب الخلف أحكم". وهذه المقولة باطلة في نفسها وناقضة لما قبلها فإن الأسلم هو الأحكم والحكمة تقتضي السلامة.
2 ـ أن الآية في قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] أثبتت تأويلاً يعلمه الله وهم يقولون التأويل باطل فيحتجون بالآية التي أثبتت التأويل على بطلان التأويل مطلقاً.
3 ـ قولهم: تجرى على ظاهرها، يعني أن الظاهر مراد.
وقولهم: إن لها تأويلاً لا يعلمه إلا الله، يعني أن الظاهر غير مراد. وهذا تناقض.
4 ـ إن أرادوا بالظاهر مجرد اللفظ غير المعنى كان إبطالهم للتأويل أو إثباته تناقضاً، لأن إثبات التأويل أو نفيه فرع عن فهم المعنى.
* وخلاصة إلزامهم: أنه لا يجوز له أن يقول: إن هذا اللفظ بعينه ظاهرُه غير مراد أو لا يعلم تأويله إلا الله لعدم الدليل المعين عليه ولعدم دلالة اللفظ على قوله هذا.