رابعاً ـ مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:
كان ابن تيمية إماماً مجتهداً، تعددت مجالاته العلمية، فنبغ في العلوم لا سيما في علم العقيدة والحديث والتفسير، وأتقن العربية أصولاً وفروعاً. قال الحافظ أبو الفتح اليعمري: يصف نبوغ ابن تيمية وسعة علمه: "إن تكلم في التفسير فهو حامل رايته، وإن أفتى في الفقه فهو مدرك غايته، أو ذاكر بالحديث فهو صاحب علمه، وذو روايته، أو حاضر بالنِّحَل والمِلَل لم يُرَ أوسع من نحلته، ولا أرفع من درايته، برز في كل فن على أبناء جنسه"[1].
وكان له مع ذلك اطلاع واسع وإدراك لعلوم كثيرة أخرى، كالحساب والجبر والمقابلة وأنواع الفلسفة. وقال عنه ابن العماد: "أحكم أصول الفقه والفرائض والحساب والمقابلة وغير ذلك من العلوم، ونظر في الكلام والفلسفة وبرز في ذلك على أهله، وردّ على رؤسائهم وأكابرهم"[2].
وسوف أقدم في هذا البحث حديثاً موجزاً عن هذه الجوانب العلمية مقتصراً على العلوم الشرعية:
· أولاً ـ في العقيدة:
كان ابن تيمية واسع المعرفة العقدية وآراء أصحابها، وليس أدلّ على ذلك من كتبه: (درء تعارض العقل والنقل) ، و (تلبيس الجهمية) ، و (الاستقامة) ، و (الصفدية) ، و (منهاج السنة) .
ففيها عرضٌ كامل للعقيدة الإسلامية الصحيحة والرد على المذاهب الكلامية والمخالفة لمنهج السلف، فقد ناقش مذهب الجهمية والمعتزلة [1] ذيل طبقات الحنابلة (2/39.) . [2] شذرات الذهب (6/18) .