ويكشف حال هؤلاء كشفاً دقيقاُ، وهو واقع يشمل عامة أهل البدع بدون استثناء؛ لأن من جاء بباطل فليس في القرآن أو السنة ما يدل على باطله أو يؤيده، إذاً فلا حجة له إلا رأيه السقيم وفهمه القاصر للغة.
وجميع ما وقفت عليه من حجج لهؤلاء في هذه المسألة لا يخرج عما ذكره شيخ الإسلام- رحمه الله- غير أن بعضهم تكايس فأضاف في الاستدلال بعض ما وقف عليه من أحاديث موضوعة ترفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم كذباً وزوراً.
أما كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة فلا حجة لهم فيهما؛ لأنهما يدلان صراحة على زيادة الإيمان ونقصانه، فهم على هذا بين خيارين:
إما أن يدعوا قولهم ويتركوا رأيهم إتباعاً لما جاء في الكتاب والسنة، فيصيبوا الحق بهذا ويوافقوه، أو أن يعتمدوا على عقولهم ويستمسكوا برأيهم، فيفارقوا الحق ويجانبوه، ويكون بعدهم عن الحق بقدر بعدهم عما جاء في الكتاب والسنة.
وبهذا تعتبر في قلة أخطاء السلف الصالح وكثرة موافقتهم للحق والصواب في مسائل الشرع والدين، وكثرة أخطاء من بعدهم ممن لم يكن على نهجهم، لاعتصام السلف بالكتاب والسنة وتمسكهم بهما، ولاعتماد الخلف على العقول الكاسدة والآراء الفاسدة ولجوئهم إليها، وشتان بين الفريقين.
وبعد هذا التمهيد الذي لا بد منه، أعرض هم شبه هؤلاء وأبرز دلائلهم في هذه المسألة، ثم أتبع كل شبهة بما يبين بطلانها ويكشف زيفها، مستمداً العون والتوفيق من الله وحده.