فانضم هذا التصديق إلى الذي كان قبله، لكن بعد كمال ما أنزل الله ما بقي الإيمان يتفاضل عندهم، بل إيمان
الناس كلهم سواء إيمان السابقين الأولين كأبي بكر وعمر، وإيمان أفجر الناس كالحجاج وأبي مسلم الخرساني وغيرهما"[1].
فالزيادة التي قالوا بها هنا هي باعتبار زيادة المؤمن به فحسب، فلما كمل التشريع وتم لم يعد هناك مجال لزيادة الإيمان عندهم، وهذا خلاف النص المتقدم عن أبي حنيفة الذي فيه أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص من جهة المؤمن به.
السادس: سيأتي في النقول الأخرى عن كتب أبي حنيفة ما يؤكد ذلك ويؤيده.
فمما تتقدم يتبين أن أبا حنيفة رحمه الله يرى ن الإيمان لا يزيد ولا ينقص من جهة التصديق واليقين، ويزيد وينقص من جهة المؤمن به، ثم بعد كال التشريع لم يعد هناك مجال لزيادته أو نقصانه.
(ب) وفي الفقه الأبسط قال أبو مطيع: "قال أبو حنيفة رحمه الله ينبغي أن يقول أنا مؤمن حقاً لأنه لا يشك في إيمانه، قلت: أيكون إيمانه كإيمان الملائكة؟ قال: نعم"[2].
(ج) وقال في رسالته إلى عثمان البتي: "ومما يعرف به اختلافهما- أي الإيمان والعمل- أن الناس يختلفون في التصديق ولا يتفاضلون فيه، وقد يتفاضلون في العمل وتختلف فرائضهم، ودين أهل السماء ودين [1] الفتاوى (7/195) ، وانظر في الرد على ذلك الفتاوى (13/52) . [2] الفقه الأبسط (ص46) .