responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر المؤلف : الكرمى، مرعي بن يوسف    الجزء : 1  صفحة : 49
فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَة الْقَاعِد الْمَأْمُور بِالْقيامِ فَإِن اشْتِغَاله بالقعود هُوَ الَّذِي يمنعهُ أَن يكون قَائِما والإرادة الجازمة لأحد الضدين تنَافِي الضِّدّ الآخر وتكليف الْكَافِر والعاصي السَّابِق علم الله وَقدره فيهمَا من هَذَا الْبَاب وتكليف مثل هَذَا لَيْسَ بقبيح شرعا وَلَا عقلا عِنْد أحد من الْعُقَلَاء متفقون على أَمر الْإِنْسَان وَنَهْيه بِمَا لَا يقدر عَلَيْهِ حَال الْأَمر وَالنَّهْي لاشتغاله بضده إِذا أمكن أَن يتْرك ذَلِك الضِّدّ وَيفْعل الضِّدّ الْمَأْمُور بِهِ فَإِن السَّيِّد لَا يَأْمر عَبده الْأَعْمَى بنقط الْمَصَاحِف ويأمره أَن يقوم وَيعلم بِالضَّرُورَةِ الْفرق بَين هَذَا وَهَذَا وتكليف مَا لَا يُطَاق للاشتغال بضده لَا نزاع فِي وُقُوعه كَمَا تقدم وَإِنَّمَا النزاع هَل يُسمى هَذَا تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق لكَونه تكليفا بِمَا أنتفت فِيهِ الْقُدْرَة الْمُقَارنَة للْفِعْل فَمنهمْ من يدْخل هَذَا فِي تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق كَمَا يَقُوله القَاضِي أَبُو بكر وَالْقَاضِي أَبُو يعلى وَغَيرهمَا فَإِنَّهُم يَقُولُونَ مَا لَا يُطَاق قِسْمَانِ مَا لَا يُطَاق للعجز عَنهُ وَمَا لَا يُطَاق للاشتغال بضده وَمِنْهُم من يَقُول هَذَا لَا يدْخل فِي تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق قَالَ ابْن تَيْمِية وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَه بِمَا فِي الْكتاب وَالسّنة وَكَلَام السّلف فَإِنَّهُ لَا يُقَال للمستطيع الْمَأْمُور بِالْحَجِّ إِذا لم يحجّ أَنه مُكَلّف مَا لَا يُطيق فَإِن الله خلق لَهُ الْقُدْرَة الْمَشْرُوطَة فِي التَّكْلِيف المصححة لِلْأَمْرِ وَالنَّهْي كَمَا فِي الْعباد إِذا أَمر بَعضهم بَعْضًا فَمَا يُوجد فِي الْقُدْرَة فِي ذَلِك الْأَمر فَهُوَ مَوْجُود فِي أَمر الله لِعِبَادِهِ بل تَكْلِيف الله أيسر وَرَفعه للْمَشَقَّة والحرج أعظم وَالنَّاس يُكَلف بَعضهم بَعْضًا أعظم مِمَّا أَمرهم الله وَرَسُوله وَلَا يَقُولُونَ هَذَا تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق وَمن تَأمل أَحْوَال من يخْدم الْمُلُوك والأكابر وَيسْعَى فِي طاعتهم وجد عِنْدهم من ذَلِك مَا لَيْسَ عِنْد الْمُجْتَهدين فِي الْعِبَادَة لله تَعَالَى وَأما قَوْله سُبْحَانَهُ {وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سمعا} لم يرد بِهِ هَذَا فَإِن جَمِيع النَّاس قبل الْفِعْل لَيْسَ مَعَهم الْقُدْرَة الْمُوجبَة للْفِعْل فَلَا يخْتَص بذلك العصاة بل المُرَاد أَنهم

اسم الکتاب : رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر المؤلف : الكرمى، مرعي بن يوسف    الجزء : 1  صفحة : 49
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست