الفصل الثاني
في رد الإشراك في العلم الحواس الخمس الظاهرة، والعقل، منحة إلهية عامة للبشر
قال اللَّه تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59] ، اعلم أن اللَّه تعالى قد وهب عباده قوى ووسائل للاطلاع على أمور ظاهرة، فرزقهم العين ليبصروا، والأذن ليسمعوا، والأنف ليشموا، واللسان ليذوقوا، واليد ليجسوا، والعقل ليفهموا ويتبصروا، وقد مكنهم من هذه الطرق والوسائل، وملكهم إياها ليستخدموها في مآربهم وحاجاتهم، فكلما أراد الإنسان أن يبصر فتح عينه وإلا أطبقها، وإذا أراد أن يتذوق شيئا وضعه في فمه، إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، فكأنما أعطاهم مفاتيح لاكتشاف هذه الأشياء والاطلاع عليها، ومن كان عنده مفتاح كان القفل خاضعا له، تابعا لإرادته، إن شاء فتح، وإن لم يشأ لم يفتح، فكان الاطلاع على الأمور الظاهرة في تصرف الناس، وكانوا أحرارا فيه، يتصرفون فيه كما يشاءون.
علم الغيب خاص بالله تعالى، ووراء طور البشر:
وهذا شأن الاطلاع على الغيب فيما يختص بالله تعالى، فهو يملكه ويتصرف فيه كما يشاء، وهي صفته الدائمة، ولم يجعل لولي أو نبي،