responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل السنة والشيعة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 66
العزم من المرسلين (1)

، ويقولون: إن الأئمة يوحى إليهم (2)

، ويقولون: إن موتهم باختيارهم [3] ، ويقولون بالرجعة أي بأن الأئمة سيرجعون إلى الدنيا وينتصفون من أعدائهم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ومَن والاهما ويصلبونهم ويقتلونهم [4] ، وإن إمام الوقت هو محمد المهدي الذي غاب في سرداب (سُرَّ مَن رَأَى) وإنه حي يُرْزَق ويزعمون أنه إذا ذكر في مجلس حضر فيقومون له، واعتقدوا بتحريف القرآن ونقصانه وأن الله لا يُرَى في الآخرة، وأنكروا كثيرًا من ضروريات الدين.

ومع ذلك يقولون: إنهم على حق، وغيرهم المتبعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم المحافظون على ما جاء به المهدي ودين الحق هم المبتدعون، وما أحسن ما قال فيه القائل [5] :
ليس التقى هذي التقية إنما ... هذا النفاق وما سواه المنكر

وما تكلم به في المتعة يكفي لإثبات ضلالهم، وعندهم متعة

(1) أقول: إن بطلان هذا القول ظاهر، ومخالفته لنص القرآن الكريم واضحة كما قال جل وعلا في سورة الأنعام {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) } فهذا نص على أن الله سبحانه فضلهم على العالمين؛ ولذلك فقد نقل الشيخ محمد بن عبد الوهاب (إجماع المسلمين على كفر من ذهب إلى هذا القول) .
وأما قول الاثني عشرية في ذلك فيلخصه عالمهم نعمة الله الجزائري والذي يذكر في كتابه الأنوار النعمانية: ((اعلم أنه لا خلاف بين أصحابنا رضي الله عنهم في أشرفية نبينا على سائر الأنبياء للأخبار المتواترة، وإنما الخلاف بينهم في أفضلية أمير المؤمنين (علي) والأئمة الطاهرين على الأنبياء ما عدا جدهم، فذهب جماعة إلى أنهم أفضل باقي الأنبياء ما خلا أولي العزم، فهم أفضل من الأئمة، وبعضهم إلى مساواتهم، وأكثر المتأخرين إلى أفضلية الأئمة على أولي العزم وغيرهم، وهو الصواب)) .
ولهم في هذه المسألة مؤلفات، مثل: كتاب تفضيل الأئمة على الأنبياء، وكتاب تفضيل علي عليه السلام على أولي العزم من الرسل (كلاهما لهاشم البحراني، المتوفى سنة 1107هـ) ، وتفضيل الأئمة على غير جدهم من الأنبياء لمحمد كاظم الهزار وتفضيل أمير المؤمنين علي على من عدا خاتم النبيين لمحمد باقر المجلسي، "الذريعة 4/358-360".
(2) قلت: هذا الأمر- وهو الوحي وتكليم الملك - ثابت للإمام عند الشيعة الاثنا عشرية صراحةً أو ضمناً، فصرحوا بأن الإمام: ((يسمع الملك)) كما هو متقرر من عدة روايات بعضها في أصول الكافي 1 / 176، 264 270.
ونصَّ آية الشيعة العظمى جعفر السبحاني بأن الملك الذي يكلم الإمام في الروايات هو جبريل عليه السلام حيث قال في مفاهيم القرآن (4/390) : ((الظاهر أن المراد من الملك في هاتيك الروايات هو جبرئيل)) ، ونص عليه أيضاً فيلسوفهم صدر الدين الشيرازي في كتابه (الحجة) ص91، ونص عليه أيضاً في كتابه (بداية المعارف الإلهية) (1/281) قال: ((والملائكة تتنزل إليهم وتخبرهم بما يكون في السنة من التقدير والقضاء والحوادث وبأعمال العباد وغير ذلك)) .
وأحب أن أذكر أن الذي تبين من خلال المحاورات مع كثيرين من الشيعة الاثني عشرية في الكويت وفي غيرها أنهم - وبكل أسف - يعتقدون هذا الأمر، وهم عاجزون تماماً عن الإتيان بفرق جوهري بين النبوة وبين الإمامة إلا أنه قد وردت رواية في "الكافي" تحصر الفرق بين النبوة والإمامة في كون الإمام يسمع الملك ولا يراه بينما النبي يسمعه ويراه، والناس حينما تتبع نبياً أو رسولاً أو حتى إماماً لا تهتم بالطريقة التي جاء بها الوحي بل بكونه وحياً من الله والناس ملزمة باتباعه؛ ولذلك لم يكن بوسع العلامة المجلسي في بحار الأنوار (26/82) إلا أن يصرّح بقوله: (ولا نعرف جهة لعدم اتصافهم بالنبوة إلا رعاية جلالة خاتم الأنبياء، ولا يصل عقولنا إلى فرق بين النبوة والإمامة) .
[3] عقد الكليني في الكافي (1/202) في كتاب الحجة بابا بعنوان: (أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم) ، وذكر تحت هذا الباب ثمانية روايات، وذكر الصفار في بصائر الدرجات ص500 أربعة عشر رواية بينما اكتفى المجلسي في بحار الأنوار 27/285-287 بذكر ستة روايات.
ومن التساؤلات الجديرة بالذكر حول هذه النقطة أنه قد ذكر المجلسي في كتابه بحار الأنوار (43/364) حديثاً يقول: ((لم يكن إمام إلا مات مقتولاً أو مسموماً)) ، فليت شعري، إن أكل الإمام الطعام ولم يتجنبه وتعمد الأكل منه فماذا يعتبر فعله؟! إنه الانتحار؛ لأنه يعلم أن الطعام مسموم! فيكون قاتلا لنفسه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن قاتل نفسه في النار! فهل يرضى العقلاء من الشيعة هذا للأئمة؟! أفيعمل إنسانٌ على جلب الشر والسوء لنفسه والله تعالى يقول وهو يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوء} .
[4] انظر الروايات الدالة على ذلك في كتاب "الأنوار النعمانية" (2 /85) ، بل ويقيم الحد على أم المؤمنين عائشة: عن أبي جعفر قال: أما لو قام قائمنا، وردت إليه الحميراء، حتى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة. (بحار الأنوار 52 /314)
[5] نكتفي بالأول من الأبيات التي ذكرها هنا لأن ما بعدها طعن شديد لا نستحسن نشره. (ر)
اسم الکتاب : رسائل السنة والشيعة المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست