اسم الکتاب : رسائل السنة والشيعة المؤلف : رشيد رضا، محمد الجزء : 1 صفحة : 54
إلا والحرب معهم قائمة على سيفها، فكم ألجئوا الحكومة إلى خسائر أموال ونفوس.
وجميع القبائل الذين ترفضوا هم أعدى الناس لدولة الإسلام [1] ، وفي هذا الأسبوع ورد تلغراف يخبر عن هجوم جمع منهم على شطرة المنتفق وقتلهم جمعًا من الضباط وعددًا كثيرًا من الأفراد، وحروبهم في العمارة شهيرة، وكذلك قبائل الديوانية والنجف والسماوة وكربلاء لم يزالوا قائمين على ساق الحرب مع الحكومة، واختلال العراق دائمًا إنما هو من الإرفاض [2] ، فقد تهرى أديمهم من سم ضلالهم، ولم يزالوا يفرحون بنكبات المسلمين حتى إنهم اتخذوا يوم انتصار الروس على المسلمين عيدًا سعيدًا، وأهل إيران زيَّنوا بلادهم يومئذ فرحًا وسرورًا (3)
ولو بسطنا القول في هذا الباب وذكرنا حروبهم ومخازيهم [1] أقول: إن هذا الأمر يعود إلى عدة أسباب من أهمها عقيدة (الإمامة) التي تجعل جمهور المتشيعين لهذه العقيدة أناساً يعتقدون بأن كل حاكم من غير (الاثنا عشر من أهل البيت) خارج على الدين تجب محاربته، ويسوغ الخروج عليه لإرجاع الحق المغتصب إلى أهله. وهذا هو منشأ جميع الفتن الشيعية في أوساط الأمة، بدءاً من الفرقة الطائفية، وانتهاءاً باستعداء الأجنبي على البلدان التي يستوطنونها، وخدمته بالعمالة والجاسوسية، وتقديم جميع أشكال العون له ضد أبناء الوطن، وقد يعزز ذلك شعوره بعقدة الاضطهاد والخوف من الآخرين حكاماً ومحكومين وأنهم يهددون كيانه، ويمحون وجوده. انظر: التشيع عقدة أم عقيدة للشيخ الدليمي. [2] العراق هو جرح غائر في أعماق الأمة الإسلامية ولم يندمل بعد، ولو قلب المتأمل نظره في الأخبار والنشرات التي تصدر عن الأوضاع في العراق لما أعجزه أن يقف على حجم المأساة التي لا تسع مؤلفات بسط القول فيها.
(3) المنار: الإنصاف أن الدولة العثماية هي التي أثارت عصبية الشيعة عليها بحروبها لدولة إيران وما زالت السياسة تستخدم الدين لأهواء أهلها. (ر)
أقول: واجهت الدولة العثمانية عدة تمردات من قبل الشيعة، منها: ما قام به بابا ذو النون عام 1526م في عهد سليمان القانوني في منطقة يوزغاد حيث جمع هذا البابا مابين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف ثائر وفرض الخراج على المنطقة، وقويت حركته حتى أنه استطاع هزيمة بعض القواد العثمانيين الذين توجهوا لقمع حركته، وانتهت فتنة الشيعة هذه بهزيمة بابا ذو النون وأرسل رأسه الى استانبول.
وهناك أيضاً تمرد آخر كان على رأسه قلندر جلبي في منطقتي قونية ومرعش وكان عدد أتباعه 30. 000 شعياً قاموا بقتل المسلمين السنيين في هاتين المنطقتين. ويقول بعض المؤرخين أن قلندر جلبي جعل شعاره أن من قتل مسلماً سنياً ويعتدي على امرأة سنية يكون بهذا قد حاز أكبر الثواب. انظر: العثمانيون في التاريخ والحضارة، د. محمج حرب، ص91.
كما أنه في الوقت الذي كانت الدولة العثمانية تستمر في الفتوحات كانت الضربات والطعنات تأتيها من الخلف اضطرت الدولة العثمانية أن تترك للدولة الصفوية الاثنا عشرية جميع الأقاليم والبلدان والقلاع والحصون التي فتحها العثمانيون في عهد السلطان الغازي سليمان الأول بما فيها مدينة بغداد. وهذه أول معاهدة تركت فيها الدولة بعض فتوحاتها وكانت فاتحة الانحطاط والضعف وأول المعاهدات التي دلت على ضعف الدولة العثمانية. انظر: تاريخ الدولة العلية العثمانية، ص272.
اسم الکتاب : رسائل السنة والشيعة المؤلف : رشيد رضا، محمد الجزء : 1 صفحة : 54