ولا ريب أن هذا تحكيم للعقل في نصوص الكتاب والسنة، بل تقديم له عليهما، وفتح لباب الضلال والانحراف، فكل طائفة لا تقبل عقول أهلها أمرا تؤوله ليوافق العقل، وهذا باب واسع لا ينحصر، يفقد معه الفهم الصحيح لمعاني كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتنعدم الثقة بدلالتهما، وإرشادهما للعباد، إذ اصبح الميزان هو العقل، والعقول تختلف وتتفاوت[1].
أهل التفويض:
ومنهجهم: أن نصوص الصفات من آيات وأحاديث لا تعقل معانيها، ولا يعلمها إلا الله، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم معانيها ولا جبريل ولا السلف السابقون، ثم تناقضوا في ذلك:
فمنهم من قال: تجري على ظواهرها وتأويلها بما يخالفه باطل، ولا يعلم تأويلها إلا الله.
ومنهم من يقول: المعنى المراد بها خلاف مدلولها الظاهر، ولا يعلم هذا المعنى أحد من الأنبياء ولا غيرهم.
وهذا تناقض عجيب، إذ يقولون تجري على ظاهرها، ثم يقولون الظاهر غير مراد، ويقولون مع هذا لها تأويل لا يعلمه إلا الله، وهذا يخالف معنى التفويض الذي حقيقته ألا يحكم المفوض بنفي ولا إثبات. [1] انظر شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص 216