والطريقة الشرعية تتضمن الخبر بالحق والتعريف بالطرق الموصلة إليه النافعة للخلق.
وأما الكلام على كل ما يخطر ببال كل أحد من الناس من الشبهات السوفسطائية فهذا لا يمكن أن يبينه خطاب على وجه التفصيل، والعلوم الفطرية الضرورية حاصلة مع صحة الفطرة وسلامتها، وقد يعرض للفطرة ما يفسدها ويمرضها فترى الحق باطلا، كالبدن إذا فسد أو مرض فإنه يجد الحلو مرا، ويرى الواحد اثنين، فهذا يعالج بما يزيل مرضه.
والقرآن فيه شفاء لما في الصدور من الأمراض، والنبي صلى الله عليه وسلم علم أن وسواس التسلسل في الفاعل يقع في النفوس، وإنه معلوم الفساد بالضرورة، فأمر عند وروده بالاستعاذة بالله منه، والانتهاء عنه كما في الصحيحين – واللفظ لمسلم – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله".
وفي لفظ آخر: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ فيقول الله، ثم ذكر بمثله، وزاد ورسله"
وفي لفظ آخر يقول: "من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فيستعذ بالله ولينته" هذا لفظ البخاري[1] أو نحوه[2]. ثم ذكر أحاديث أخرى في هذا المعنى. [1] البخاري مع الفتح 6/336، ومسلم بشرح النووي 2/153، 154. [2] ابن تيمية، درء تعارض العقل والنقل 3/306-307.