ومع وضوح هذه الأدلة من الكتاب والسنة، وما ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين لهم بإحسان خلف من بعدهم خلف منهم من أعرض عن نصوص الكتاب والسنة وحكم عقله، ومنهم من علمها وأولها تأويلا باطلا ناتجا عن الفهم المعوج المخالف لفهم سلف هذه الأمة.
ونتيجة لذلك فقد اختلفت أقوالهم وآراؤهم في أول واجب على المكلف اختلافا كبيرا، وأطالوا الكلام فيه.
فمنهم من قال: أول واجب على المكلف المعرفة.
ومنهم من قال: أول واجب النظر.
ومنهم من قال: القصد إلى النظر.
ومنهم من حاول الجمع بين ذلك فقال: أول واجب خطابا ومقصودا: المعرفة، وأول واجب اشتغالا وأداء: القصد إلى النظر.
وأشهر من اختلف في هذه المسألة: الأشاعرة والمعتزلة، وأصلها من المعتزلة كما نقل عن أبي جعفر السنماني – وهو من كبار الأشاعرة – قوله: إن هذه المسألة بقيت في مقالة الأشعري من مسائل المعتزلة، وقد خاض في هذه المسألة خلق كثير، وفرعوا عليها بعض المسائل، وأطالوا في الكلام عنها، وخرج بعضهم عن الصواب فقال: أول واجب على العبد الشك والعياذ بالله.
قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله – في الفتح:
"وأفضى الكلام بكثير من أهله إلى الشك، وببعضهم إلى الإلحاد، وببعضهم إلى التهاون بوظائف العبادات، وسبب ذلك إعراضهم عن