ولكنهم مع اعترافهم بربوبيته سبحانه أبى عليهم كبرهم وعنادهم أن يعبدوه وحده، مع اعترافهم أيضا بأن معبوداتهم لا تغني بنفسها شيئا، كما قال الله عنهم: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [1].
وكما كانوا يقولون في تلبيتهم: "لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك "وهذا غاية العناد والضلال وضعف العقول، ولهذا نعى الله عليهم عقولهم، ووصفهم بعدم العلم، وعدم الفهم والتذكر وغير ذلك من الصفات التي يتصف بها كل من حرم نعمة توحيد الله تعالى.
هذه أهم الأساليب التي سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى التوحيد في المجتمع المكي، ولو ذهبنا نستقصي هذه الأساليب لطال الحديث عن ذلك، إذ الفترة المكية كانت كلها دعوة إلى التوحيد وإقرار الألوهية لله سبحانه وتعالى، خلال ثلاث عشرة سنة، لم يفرض فيها شيء من الفرائض إلا الصلاة في أواخر هذه الفترة، إذ التوحيد لله تعالى وإفراده بالعبادة أساس الإسلام وقاعدته، لا يقبل من أحد عبادة قبل تحقيق ذلك، وعلى هذا اتفقت دعوة الأنبياء والرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام. [1] من الآية 3 من سورة الزمر.